الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 6 يناير 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
المُصالحة
أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، ...، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ ( 2كورنثوس 5: 19 )
كان أحدُ القضاة يعيش بجوار قبائلِ هنود أمريكا مع ابنته الأرملة وابنــِها الصغير المُدلَّل. وكان القاضي شديدَ الرغبة في أن يكون على وئام مع هؤلاء الهنود، وقد اكتسب القاضي ثقةَ بعضِ القبائل، غير أنه لم يستطع استمالة زعيم إحدى القبائل الشديدةِ القوة رغم محاولاته الكثيرة. وأخيرًا أرسل له رسالة يدعوه فيها لزيارته. وقد استجاب الزعيم وزاره في اليوم التالي. فاستقبله القاضي ببشاشة وترحاب، وحاول أن يكونَ معه لطيفًا للنهاية، وكانت معه ابنتـه وابنـها. ثم ابتدأ يتكلَّم معه عن رغبته في حلول السلام واستمرار الصداقة بينهما.

قال الزعيم: “إنك تطلب الكثير لراحتك، فهل تعطيني برهانًا تأييدًا لصِدقك؟ ها هو الولد الصغير ابنُ كريمتـك، دَعْهُ يذهب معي إلى خيمتي ويقضي ثلاثة أيام، وفي نهايتها سأُعيده لك مع جوابي على ما تطلب”. عندئذٍ صُدِمت الأم ولو طعنتها بسيف في قلبها، لَمَا تألمت كما تألمت من وقعْ هذا الكلام عليها. فأخذَت الولد وضمَّته بين ذراعيها وكانت على وشك الاندفاع به خارجَ الحجرة. فتجهَّم وجهُ الزعيم بعبوسة وقام بدورهِ ليخرج. فقال له القاضي وشفتاه مرتجفتان: “انتظر، فالولد عزيزٌ عليَّ، وأنا لا أُجازف بشعرة واحدة من رأسه. ولكن يجب أن يذهبَ معك، وسيحرسه الله”. ومَن يستطيع أن يَصِفَ عذابَ الأُم وهي تُقبِّل ابنها الصغير وتجهزه للرحلة، ثم تجلسه بجوار الزعيم. وأخيرًا تدفن وجهها بين يديها لتغرق في دموعها ..

مضت ثلاثةُ أيام بلياليها وكأنها السنين الطويلة، فطار نوم الأُم، وإن نامت ففي أحلام مزعجة تقضُّ مضجَعَها فتستيقظ. وفي اليوم الثالث أصبح الصباح ولم يظهر الزعيم، ثم تخلَّفت الشمس فوقَ أشجار الغابة، ولك أن تتصوَّرَ الأُم المسكينة غارقة في بحار من المخاوف، حتى القاضي نفسُه كان يسير مرتبكًا من حجرة إلى أخرى. وأخيرًا، إذ قارب اليوم أن ينتهي، ظهر الزعيم مُمسِكًا بالصبي - وتقدَّم الولد إلى المنزل واندفعت الأُم بفرحٍ عظيم وضمَّته إلى صدرها.

(الآن) قال الزعيم العجوز: “يمكننا أن نكونَ أصدقاء. إنكم وَثَقتم في الهندي، فالهندي سيثق بكم”. ولا شك أن هذه التضحية عظيمةُ القيمة لعمل السلام. إلا أن كلَ ما قرأناه هذا يتضاءل أمام ما عمله الله ليصنع السلام معنا وليجذب قلوبنا نحو قلبهِ. فالولد رجع سالمًا إلى أحضان أُمهِ. ولكن هذا العالم قتل ابنَ الله العزيز، ومع ذلك فإن محبة الله العجيبة ما زالت ثابتة لم تتغيَّر. فهلا أتيتَ تائبًا وبثقة تُلقي بنفسك كُليةً عليه؟

برنامج كل الكتاب
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net