الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 17 أكتوبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الفرحان ببليَّة
الفَرْحَانُ بِبَلِيَّةٍ لاَ يَتَبَرَّأُ ( أمثال 17: 5 )
تحذير يبدو لأول وهلَة غريبًا، إذ كيف يفرح أحد ببليَّة؟ الكلمتان متنافرتان. فالأولى تعني: “فرحان، مبتهج، سعيد، والثانية تعني: “مصيبة، كارثة، ضيق“ فكيف تتَّفق الكلمتان؟!  في الواقع تتَّفق الكلمتان تمامًا مع قلب الإنسان “النجيس“؛ قلب يهوى الشماتة، يستمتع بمصائب الغير، يشفي غليله ويتلذَّذ بضيق أعدائه، بل وأحيانًا إخوته! لذلك لزَم التحذير من هذا الفرح. لكن تُعلن باقي الآية إن مثل هذا الشخص “لا يتبرأُ“ - أي أنه لن يفلت من العقاب.

هذا ما حدث مع الرب والذين عادوه؛ أعني اليهود. كان هو الوديع الذي جاء إليهم بكل محبة، وقال: «أما أنا ففي مرضهم كان لباسي مِسحًا. أذللتُ بالصوم نفسي ... كمَن ينوح على أُمهِ انحنيت حزينًا، ولكنهم في ظلْعي (عرجي أو سقطتي) فرحوا واجتمعوا» ( مز 35: 13 -15). ما أردأ القلب حين يُجازي عن الخير شرًّا! هل يوجد شيء أبشع من فرحتهم وشماتتهم فيه وهم حوله عند الصليب؟ يفغَرون الشفاه .. يشمَتون ويشتمون .. يستهزئون بشخص اجتمعت فيه كل معاني الرقة والمحبة، يستمتعون بعذابه وضيقته الشديدة!  ولكن لم يمضِ على فرحهم هذا ثلاثة أيام حتى محَاه القبر الفارغ، وحل محلَّه قلق ورعب، ولم يتبرّأوا.  فما أشد الأهوال التي لحقت بهم ولازمتهم! حين ننظر إلى تاريخ الشعب اليهودي حتى الآن، نعجز عن حصر عقوبة فِعلتهم، فقد حصدوها حصادًا مريرًا، شمتت بهم شعوب، تمعَّن الكثيرون في إهانتهم، حلَّت بهم مصائب وكوارث لا حصر لها، وما زال أمامهم أهوال أقصى وأمَّر ستنصَّب عليهم.

وفَرِحَ أقطاب الفلسطينيين بسقوط شمشون وأسره؛ فذبحوا ذبائح لداجون إلههم، أكلوا حتى طابت قلوبهم، طلبوه ليلعب لهم، ليفرحوا بحزنه. اجتمعوا معًا في بيتٍ ليستمتعوا بمشاهدته وهو مُبتلى، ليتلذَّذوا بمصيبته، لكن سرعان ما «أتت بليَّتهم كالزوبعة» ( أم 1: 27 )؛ انطبقت السماء على رؤوسهم، ومات جميع مَن كانوا في البيت، كل مَن اشترك في تلك الجريمة. إنهم بحق لم يفرحوا إلا للحظة.

حذار من هذا الفرح! واسمع صوت الحكمة مُحذِّرة «الفَرحين بفعل السوء، المُبتهجين بأكاذيب الشر» ( أم 2: 14 ). نجِّ نفسك وتبرَّأ منهم قبلما ينطبق عليك القول: “لا يتبرأُ“. ولنطلب من الله أن يُغيِّر قلوبنا، فالشماتة ليست خاضعة كُلية لإرادتنا، بل هي رغبة قلبنا الشرير، نابعة من داخلنا.

إبراهيم عاطف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net