الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 30 أكتوبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أحزان الجلجثة
وَضَعْتَنِي فِي الْجُبِّ الأَسْفَلِ، فِي ظُلُمَاتٍ، فِي أَعْمَاقٍ. عَلَيَّ اسْتَقَرَّ غَضَبُكَ ( مزمور 88: 6 ، 7)
يمكننا تقسيم آلام الجلجثة وأحزانها إلى عناصر ثلاثة: مياه غامرة، نيران آكلة، ظلمة دامسة.

1- مياه غامرة: استمع إلى الرب يقول: «غمرٌ يُنادي غمرًا عندَ صوتِ ميازيبكَ. كلُّ تياراتكَ ولُججكَ طَمَت عليَّ» ( مز 42: 7 ). قديمًا جاء الطوفان على العالم بسبب شر الانسان، وتعاظمت المياه جدًا، وغطَّت جميع الجبال الشامخة. لكنها على أية حال كانت مياهًا عادية، أما بالنسبة للمسيح على الصليب فلم تكن مياهًا عادية. اسمعه يقول: «خلِّصني يا الله، لأن المياه قد دخلت إلى نفسي. غرقت في حمأةٍ عميقة، وليس مقرٌ. دخلتُ إلى أعماق المياه، والسَيلُ غمرني» (مز69). وهذا كله تصوير لحماقاتنا وذنوبنا التي وُضِعَت على المسيح. لقد أحاطته الخطية من كل جانب وغطته بالتمام، وهو الذي لم يعرف خطية!

2- نيران آكلة: يقول المسيح بروح النبوة: «أمَا إليكم يا جميع عابري الطريق؟ تطلَّعوا وانظروا إن كان حزنٌ مثل حزني الذي صُنِعَ بي، الذي أذلَّني به الربُّ يومَ حُمُو غضبهِ؟ من العلاءِ أرسلَ نارًا فسَرَت فيها» ( مر 1: 12 ، 13). إن تلك النيران التي اشتعلت في مخلِّصنا في ساعات الظلمة كانت أشد هولاً من نيران الأتون المُحمَّى سبعة أضعاف. لقد أمطرَ الله على سدوم وعمورة نارًا وكبريتًا، فأحرقهما؟ لكنَّ كراهية الله ضد الخطية لم تُرَ بصورة أكثر هولاً ممَّا نراه في صليب المسيح. إن الحيوانات التي كان يُدخَل بدمها إلى الأقداس للتكفير، كانت تُحرَق أجسامها خارج المحلة. وها المسيح هنا يقوم بعمل الكفارة العجيب، وها جسده يُصلَى بنار اللهيب.

3- ظلمة دامسة: اسمع الرب يقول: «وضعتَني في الجُب الأسفل، في ظُلُماتٍ، في أعماقٍ. عليَّ استقرَّ غضبُكَ، وبكلِّ تياراتك ذلَّلتني» ( مز 88: 6 ، 7). وما هذه الظلمة إلا تعبير عن الخطية! أو هي تعبير عن قسوة الموت الذي قاساه ربنا يسوع المسيح. كانت الظلمة شهادة لآلام المسيح غير الظاهرة في موتهِ الكفاري؛ تلك الآلام التي كانت تُوقعها يد غير منظورة، هي يد العدل الإلهي على مَن جُعِلَ خطيةً، وحَمل في جسده خطايانا على الخشبة.

وما أرهب تلك العبارة «عليَّ استقرَّ غضبك!» يتساءل ناحوم النبي قائلاً: «مَن يقفُ أمام سخطهِ؟ ومَن يقوم في حُمُو غضبهِ؟» ( نا 1: 6 ). والإجابة الواضحة أنه لا يوجد إنسان يقدر. نعم، لا يوجد سوى المسيح الذي قدر أن يحتمل ذلك الغضب الرهيب جدًا. احتمله - تبارك اسمه - في ساعات الظلمة على الصليب.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net