الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 9 أكتوبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مثال الإيمان الكامل
يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ ( لوقا 23: 34 )
لم يكن أمرًا غير عادي أن يتكلَّم المصلوبون من فوق خشباتهم، لكن كانت كلماتهم في العادة تأوهات أو توسلات واسترحامات أو لعنات يقذفون بها في وجه الله، أو يصبُّونها على رؤوس قاتليهم.

ويسوع المسيح ما أن عبرَت عنه الصدمة التي أحدثها غرس المسامير في يديه ورجليه، حتى نطق بكلمته الأولى التي كانت صلاة إلى الآب. واضح أن الصلاة كانت اللغة الطبيعية عند يسوع المسيح، لذلك كانت أول ما جرى على شفتيه.

وواضح أيضًا أن كلمة «يا أبتاه» برهنت على أن إيمان يسوع المسيح لم يتزعزع إطلاقًا بسبب كل ما جاء عليه، وكل ما تعيَّن عليه أن يتألم به. عندما يُداس الحق بالأقدام ويستعلي الباطل، هنا يُجرَّب الإيمان عمَّا إذا كان الله بالحقيقة موجودًا، وبالحقيقة مُحبًا وحكيمًا، ويجلس على عرش العالمين، أم أن الأمر على العكس وكل شيء وليد الصُدَف والأقدار.

أيها الأحباء: عندما يخلو الوفاض بعد امتلاء، وتضيق الحياة بعد سِعَة، وينقلب الضحك بكاء، وتنحط الآمال العريضة من عليائها فإذ بها هشيم تبعثره الريح، عند ذلك، حتى أولاد الله قد يركبون رؤوسهم ضد الإرادة الإلهية. إن قديسين عظامًا جرفهم ضغط الألم واكتسحهم تيار القنوط، فتذمَّروا على الله بكلمات لا يَسوغ أن نذكرها. لكن عندما أسوَّدَت تمامًا صفحة الآمال أمام ربنا يسوع المسيح، وعندما أحاط به أعداؤه مسعورين، وأحدَق به الحاقدون عليه، كان لم يَزَل يقول: «يا أبتاه». هذا هو مثال الإيمان الكامل. وكانت المكافأة مجيدة جدًا.

أيها الأحباء: لو قُدِّر ليد الخالق العظيم أن تتخلَّى عن دفة هذا العالم، وأن تنساق مصائر البشرية إلى بحر خضم هائج مُزبد بالتشويش والفوضى، لكان أنسب وقت لذلك هو عندما سيِقَ ذاك الذي هو كمال الجمال ليموت كما يموت أثيم. هل كان يمكن أن يخرج خير من مثل وَهدة الشر هذه؟ إن خلاص العالم قد جاء من ههنا. وأنبَل ما حوى التاريخ قد جاء من ههنا. وفي هذا أبلغ الدروس وأسمَاها لأولاد الله أن لا يفشلوا ولا ييأسوا. قد يرنو على الأُفق سحاب أسود كثيف. وقد يتحطَّم كل شيء. وقد يبدو وأن الشرير قد تربع على عرش الله، ولكن مع كل ذلك فإن الله حي يتبوأ عرشه فوق ضجيج البحر الهائج، وقادر أن يُخرج الفجر من رحم الظلام.

جيمس ستوكر
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net