حين تأتي على المؤمن التجارب المتنوعة، كثيرًا ما يفقد اتزانه وصوابه، ويتجه تركيزه فقط في: لماذا؟ وإلى متى؟ وكيف؟ وهكذا فلا يعرف لماذا أصابته هذه في هذا التوقيت، وبهذا الأسلوب. وربما البعض يظل لوقت طويل مُتحير، وليس لديه القدرة على فهم معاملات الله معه، وهذا ليس عيبًا في حد ذاته، وذلك لضعف بشريتنا وهشاشة إنائنا البشري ( مز 6: 2 )، وقصور إدراكنا ( رو 11: 34 )، وإنما العيب أن كل ذلك يقودنا للتذمر والأنين، مُعطين الفرصة للعدو (الشيطان) أن يُبعِد أفكارنا عن صلاح إلهنا، زارعًا المخاوف والشكوك في القلب والذهن من جهتها، وتشويه الحكمة الإلهية السامية في نظرنا. لذا يُحرِّضنا يعقوب بالروح القدس بأننا في مثل هذه الأمور نتجه لإلهنا المُحب الصالح طالبين منه الحكمة أولاً قبل الصبر والاحتمال، ليُمكننا فهم قصده مِن كل ما يحدث معنا، حتى تهدأ أفكارنا وقلوبنا ويملأها سلام الله ( في 4: 6 )، حتى نُدرك يقينًا أن يد إلهنا الصالحة والحنونة لا تتحرك عشوائيًا حيثما اتفق، وكيفما جاءت. حاشا له من العفوية والعشوائية، فكل أعماله معروفة ومدروسة منذ الأزل عنده ( أع 15: 18 )، لذا علينا أن نعلم أن كل ما يصنعه معنا إنما هو مقصود ومحتوم وتوقيتاته مضبوطة تمامًا، حينئذٍ تستقر النفس على صخرة وعود الله الثابتة والآمنة، مهما كانت النتائج، وهذا هو الطريق للفرح والصبر والاحتمال.
عزيزي المتألم: حين لا ترى في نفسك الحكمة الكافية للفهم، لا تترك نفسك للجهل بأمور إلهك. وحين ترى في نفسك القصور في الإدراك، لا تترك نفسك فريسة في يد الكذاب وأبي كل كذاب ( يو 8: 44 )، بل سِر سريعًا وتحصَّن منه بعرش نعمة القدير، حتى يمنحك الرحمة والمعونة والفهم والبصيرة ( عب 4: 16 )، فهو لن يبخل عليك بشيء ( لو 18: 7 ، 8). إنه يذخر معونة للمستقيمين ( أم 2: 7 ) «عنده الحكمة والقدرة. له المشورة والفِطنة» ( أي 12: 13 )، حتى وإن كنا لا ندرك ولا نستوعب الآن لماذا الأمور هكذا، لكن يقينًا سنفهم فيما بعد ( يو 13: 6 ). ولا تنسى أن لنا سلام الله الذي يفوق كل عقل، لحفظ قلوبنا وأفكارنا في المسيح يسوع. ومهما كانت قراءة أحداث الواقع المؤلمة، لنضع ثقتنا في الرب ولا نطرحها ( عب 10: 35 )، وهو الذي في وقتهِ يُسرِع به ( إش 60: 22 ).