الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 13 نوفمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الإنسان الثاني والطاعة المُطلقة
تَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هَذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا ( متى 4: 3 )
كان يسوع المسيح على الأرض في كمال الطاعة المُطلقة. لكن بالطاعة وحدها بدون قوة الروح القدس لا يُعمل شيء، لا بواسطته ولا بواسطة تلاميذه أو رُسله. إنه يقول: «مَن يؤمن بي فالأعمال التي أعملها يعملها هو أيضًا، ويعمل أعظم منها، لأني ماضٍ إلى أبي» ( يو 14: 12 )، فهو يمارس الآن وهو في يمين الله – كإنسان - قدرته وقوته، وليس طاعته. أما وهو هنا فقد اُقتيد إلى التجربة «ممتلئًا من الروح القدس» ( لو 4: 1 ).

كانت طريقة الشيطان في التجربة ذات وجهين، الإغراء من جهة والتخويف من جهة أخرى. بالإغراء يُقدِّم “الطُعم” الذي يجذب حتى يتمكَّن من السيطرة على النفس، وبالتخويف يُهدِّد بالموت كمَن له سلطان الموت. إن الشيطان ليس له أقل حق في أن يستولي على نفوس الناس، لكنه يستولي عليها عن طريق الشهوة، أو عن طريق الوسيلة الأخرى وهي التخويف. ولقد هاجم إبليس الإنسان يسوع المسيح بالأسلوبين ولم يجد ثغرة وخاب مدحورًا أمامه.

يواجه إبليس الإنسان يسوع المسيح المُتشح بقوة الروح القدس، ليس في الفردوس بل في البرية، ويسوع المسيح لا يقول له: “أنا الله وأنت الشيطان، اذهب عني”. كلا لأنه لو واجهه هكذا لمَا تمجَّد الله، ولا كنا نجد في هذه المواجهة فائدة لنا. لكن كما أُقتيد يسوع المسيح بالروح القدس إلى البرية بلا شهوة (وحاشا له من ذلك)، هكذا بنعمتهِ وضع نفسه في مركز الإنسان، وكان لا بد له أن يُجرَّب وأن ينتصر حيث سقط الإنسان، آدم الأول، بل حيث ظل الإنسان رازحًا تحت سلطان الشر.

لم يكن الجوع شرًا في ذاته وليس خطية أن نجوع، ولو أن الإنسان يسوع المسيح بكلمة قدرتهِ أمر الحجارة أن تصير خبزًا لَمَا كان في ذلك شر، إذا ما اتفق هذا مع إرادة أبيه، لكن إذا هو فعل ذلك دون إرادة الله أبيه فمعنى هذا أنه يعمل ذلك بإرادته مستقلاً عن إرادة الله، وهذا في ذاته خطية، وما كان يمكن أن يُقال - إذا هو فعل ذلك - إنه الإنسان الكامل. ولقد حاول الشيطان أن يضع في قلبه رغبة لا تتفق مع كلمة الله، وهذه المحاولة عملها مع آدم ونجح، لكنه خاب وفشل مع يسوع المسيح، رغم أنه ظل يحاول هذه المحاولة معه أربعين يومًا. كان إبليس هو الخِصم القوي الذي لا بد أن يُجرَّد من سلاحه ويُقيَّد، قبل أن تُنهَب أمتعته.

داربي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net