الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 18 نوفمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أعدَّ الرب
أَرْسَلَ الرَّبُّ رِيحًا شَدِيدَةً ... فَحَدَثَ نَوْءٌ عَظِيمٌ فِي الْبَحْرِ ... فَأَعَدَّ حُوتًا عَظِيمًا لِيَبْتَلِعَ يُونَانَ ( يونان 1: 4 ، 17)
إننا نتعلَّم من الوحي أنه ليس في حياة المؤمن شيء يحدث من قبيل الحظ أو الصدفة. ومن بين حياة المؤمنين نجد حياة يونان النبي مثلاً تُعطينا حُججًا دامغة على هذه الحقيقة. ففي كل تاريخ النبي نرى تداخل الله ظاهرًا وجليًا حتى في الأشياء العادية للغاية. ولن يمكننا أن نرى تداخل الله في أمورنا بهذا المقدار في كل تاريخ حياتنا إلا في نور حضرة الله. إننا إذ ذاك نندهش من قِصَر نظرنا، ومن ضعف طبيعتنا، ومن قلة ثقتنا، ومن غباوتنا. ونعجب بطِيبة الله وأمانته وطول أناته المُدهشة، إذ هو صاحب اليد التي ستَرتنا في كل طرقنا هنا على الأرض، وقادتنا نحو الغرض بلطف لا يُحَّد.

ففي الأصحاح الأول «أرسل الرب ريحًا شديدة إلى البحر، فحدَث نوءٌ عظيمٌ في البحر». ذلك النوء كان يمكن أن يُكلِّم النبي غير المُطيع لو أن أُذنيه كانتا مفتوحتين لسماع صوت الله. لقد كانت تلك رسالة شخصية أرسلها الله إليه، وقد كان يونان هو المقصود بها لتعليمه وإرجاعه إلى الطريق الصحيح، لا أولئك الملاحين المساكين المُتعَبين. فبالنسبة إليهم لم يكن النوء شيئًا جديدًا أو غير عادي. ولكن كان هناك في جوف السفينة إنسان كان ذلك النوء بالنسبة له شيئًا خاصًا. والأمر الغريب أن الملاَّحين الوثنيين يُلاحظون سريعًا أن الله واقف ضدهم، بينما يونان – نبي الله – مختبئ في جوف السفينة ونائم نومًا ثقيلاً، حتى إن رئيس النوتية اضطر أن يوقظه بلهجة خشنة.

لم يرجع يونان إلى نفسه إلا عندما ألقى الملاَّحون القرعة لمعرفة بسبب مَن كانت تلك البلية التي لحقتهم، ووقعت القرعة على النبي. وعندئذٍ سألوه من أين أتى وما هو عمله؟ عندئذٍ فقط سمع الصوت المُرسَل إليه من الله، وعرف أنه بسببه هو يتكلَّم السَيِّد الرب بهذه الخطورة. وبناءً على مشورته هو، رمى الملاحون النبي في البحر. وبالنسبة إليهم كانت المسألة قد انتهت، ولكنها لم تكن كذلك بالنسبة ليونان، ولا بالنسبة لله. البحارة لم يروا يونان فيما بعد، ولكن الله كان يراه ويُفكر فيه.

أُلقيَ يونان في البحر «وأما الرب فأعدَّ حوتًا عظيمًا ليبتلع يونان». فالرب الذي أعد النوء، هو الذي أعد حوتًا خاصًا لأجل يونان ليكون رسولاً من الله إلى روحه. وهناك في بطن الحوت يرجع يونان إلى نفسه، بل ويُصبح في ظروفه وحتى في أقواله صورة للمسيح.

كرسبي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net