الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 19 نوفمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
اخضعوا لله
دَعُوهُ يَسُبَّ لأَنَّ الرَّبَّ قَالَ لَهُ: سُبَّ دَاوُدَ. وَمَنْ يَقُولُ: لِمَاذَا تَفْعَلُ هَكَذَا؟ ( 2صموئيل 16: 10 )
لا بد أن دماء “أُورِيَّا الحِثِّي” التي سفكها داود اُستُحضرت فجأة إلى ذهنه، عندما سمع لعنات شَمْعِي، ووصْفه له “بِرَجُل الدماء”. فإن لم تكن دماء شاول على داود، فدماء أُورِيَّا التصقت به. وكان داود يعلم ذلك جيدًا، فانحنى تحت قضاء الله العادل. لقد رأى يد الله في ساعة التجربة. وأدرك داود أن “شَمعِي” ما هو إلا أداة في يد الرب، واعترف أنه يستحق السَّب. وعندما استأذنه “أبيشاي ابن صَرُوية” أن يعبر ويقطع رأس “شَمْعِي”، رفض داود وقال: «دعوهُ يَسُب لأن الرب قال له: سُبَّ داود. لعلَّ الرب ينظر إلى مذلتي ويُكافئني الرب خيرًا عِوَض مسبَّته بهذا اليوم» (ع10-12).

ونلاحظ أن داود ذكر “الرب” 4 مرات في جوابه على أَبِيشَاي. لقد كان له قلبٌ منكسر وروحٌ خاضعة منسحقة، الأمر الذي جعله يثق في الرب ويتكل عليه. وكان له «الحزن بحسب مشيئة الله»، الذي «يُنشئُ توبة لخلاصٍ بلا ندَامة» ( 2كو 7: 9 ، 10). وكانت هذه «أثمارًا تليقُ بالتوبة» ( مت 3: 8 ). يا للروعة! كان كل شيء كاملاً في وقتهِ!

إن كلمة الله تُحرِّضنا «اخضعوا لله» ( يع 4: 7 )، «فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينهِ» ( 1بط 5: 6 ). ولقد شعر داود، بلا شك، أنه يحصد ثمار خطيتة فتقبَّلها. رأى الله في كل ظرف، وأكرمه بروحٍ خاضعة موقرة له، ومن وجهة نظره لم يكن “شَمْعِي” هو الذي يفعل كل شيء بل الرب، أما أبيشاي فلم يَرَ إلا الإنسان وأراد أن يتعامل معه حسب ما يقتضي الموقف. لقد تخطى داود العوامل الثانوية، ونظر رأسًا إلى الله، فنراه بأقدام حافية ورأس مُغطى ينحني أمامه قائلاً: «الرب قال له: سُب داود». وكان هذا كافيًا.

أيها الأحباء: لو كنا أكثر وعيًا لحقيقة أنه لا يوجد حَدَث واحد يحدث معنا من الصباح إلى المساء، إلا ويمكننا أن نسمع فيه صوت الله، ونرى يده، فأية أجواء مقدسة تلك التي كانت ستُحيط بنا! إذ حينئذٍ سنقبل الناس والأشياء على أنهم عوامل وأدوات في يد الآب السماوي، وعناصر أو مكوِّنات كأس أبينا المُحب.

إذا أصبحت هذه هي رؤيتنا للأمور فسترتاح عقولنا وتهدأ نفوسنا وتخضع قلوبنا، فلا نقول مع أبيشاي: «لماذا يَسُبُّ هذا الكلب الميت سيدي الملك؟ دعني أعبُر فأقطع رأسَهُ» (ع9). وهل كان يمكن لداود أن يدافع عن نفسه بينما يقصد الله أن يتعامل معه بأسلوب مؤثر؟ قطعًا لا. ويا له من خضوع مبارك!

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net