الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 24 نوفمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
داريوس وتأليه الإنسان
كُلَّ مَنْ يَطْلُبُ طِلْبَةً حَتَّى ثَلاَثِينَ يَوْمًا مِنْ إِلَهٍ أَوْ إِنْسَانٍ إِلاَّ مِنْكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ، يُطْرَحُ فِي جُبِّ الأُسُودِ ( دانيال 6: 7 )
عُيِّن دانيآل من قِبَل دارِيُوس، رئيسًا على الثلاثة وزراء الذين يخضع لهم المئة والعشرين مرزبانًا أو حاكمًا. ومَنحْ مثل هذا المركز الرفيع إلى واحد من بني يهوذا، أثار غيرة الوزراء الكلدانيين والحكام. وإذ كانوا مدفوعين بهذه الغيرة، فقد سَعوا لأن يجدوا خطأ يلتمسون به تُهمة ضد دانيال أمام الملك (ع1-3). وبالرغم من أن كل هؤلاء الوزراء والمرازبة قد اجتهدوا لأن يجدوا خطأ في إدارة دانيال لشئون الدولة، فإنهم لم يجدوا لا “خطأ” ولا حتى “ذنب”، «لأنه كان أمينًا». لذا فقد علموا أنهم لن يستطيعوا أن يجدوا لائمة عليه، إلا “من جهة شريعة إلهه” (ع4، 5). ويا له من درس للمسيحي الذي يجب أن تتميَّز علاقاته مع العالم بالأمانة، حتى إن أهل العالم يجدون أنه ليس من الممكن أن يدينوه إلا بأن يتدخلوا في علاقته بالله، ويُشرِّعون القوانين الوضعية ضده، بحيث تكون طاعة الله خرقًا للقانون.

(ع ٦-٩) هذه هي المُلابسات التي فيها تآمر الوزراء والمرازبة، بدفع من الشيطان، لكي يحتالوا لدانيال. ومن الواضح، أنه كان من اختصاص الإدارة أن تصوغ المرسوم، وما على الملك إلا أن يعطيهم السُلطة بإمضائه. وبناءً على هذا، فقد تقدَّم هؤلاء الرجال بمرسوم إلى الملك، بألاَّ تُقدَّم طلبات إلى أي إله أو إنسان، إلا إلى الملك وحده، لمدة ثلاثين يومًا؛ ومَن لا يخضع للمرسوم يُلقى في جُب الأسود (ع6-9). وقد تميَّز هذا المرسوم بثلاثة أشياء:

أولاً، إن المرسوم في ذاته هو شر كبير، فهو محاولة مُخزية لاستبعاد الله، وتنصيب الإنسان في مكانه. فهو يسعى لتثبيت الملك في مكان السمو المُطلَق فوق السماء والأرض، فوق الله والانسان، حيث إنه في أثناء الثلاثين يومًا لا تُقدَّم طلبات إلى أي “إلهٍ أو إنسانٍ”. ومع عظمة خطية نبوخذنصَّر الملك، غير أن هذه الخطية تفوقها بكثير. فبينما نصبَ نبوخذنصَّر تمثالاً مكان الله، ولكن الآن داريُوس يُنصِّب نفسه في مكان الله. إنه تأليه الإنسان!

ثانيًا، بلغ الدافع لهذا المرسوم قمة الإثم. إنه مُزايدة على براءة دانيال واستقامته، وإخلاصه المعروف لناموس إلهه؛ فقد اخترع هؤلاء الرجال – بتعمُّد – قانونًا يعرفون أن دانيال لن يطيعه.

وثالثًا، المرسوم الذي وضعوا إطاره يظهر وكأنه إطراء للملك، ولكنه يخفي بعناية الدافع الحقيقي له. وهكذا يسقط الملك بغباء في الفخ، ويُوقِّع المرسوم.

هاملتون سميث
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net