الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 4 نوفمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
نداء القلب المنفرد
إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي، وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ! ( يوحنا 20: 13 )
إذ كانت مريم تذرف دمعها الساخن، انحنَت وتطلَّعت في داخل القبر، فشاهدت ملاكين بثيابٍ بيضٍ، جالسين حيث كان جسد الرب يسوع راقدًا رقدة الموت. وقد تعجب هذان الشاهدان – بل أول شاهدين لقيامة الرب يسوع الغالب المنتصر – لماذا تبكي مريم بينما السماء كلها تُسبِّح لها، «فقالا لها: يا امرأة، لماذا تبكين؟». غير أن مريم لم تَخف من وجود الملاكين المُفاجئ في القبر، ولم ينعقد لسانها في حلقها من هول السؤال، فلم تجد جوابًا، ولو أن جوابها برهن على مقدار بُعدها عن معرفة الحقيقة، فالواقع “إنَّهم” لم يأَخُذُوا سَيِّدها، ولا “هم” وضعوه في مكانٍ آخر. إنها أخطأت الوقائع خطأً فادحًا، ولم يكن على لسانها كلمة واحدة من كلمات الإيمان والرجاء، ولعدم معرفتها أن المسيح قد قام، كانت «أشقَى جميع الناس» ( 1كو 15: 19 ).

لكن وإن كانت مريم منسحقة النفس حزينة الروح، إلا أنها لم تكن يائسة كُليةً، فإن جوابها اليائس الحزين كان يُخالطه خيط ذهبي من حبها لسَيِّدها الذي مهما كان – ميتًا أو حيًّا – فهي تعترف به ربها وسَيِّدها، كما تقول: «أخذوا سيدي».

لقد رأى الملاكان عجبًا؛ وهو تعلُّق قلب تلك المرأة بالمسيح، إذ تقول لهما: «أخذوا سيدي»؛ لقد سرقوا مني سَيِّدي، والآن قد أصبح قلبي فارغًا بدونه. لقد حُرِمت من محضره، ولا أعلم أين أبحث عنه! وهكذا دلَّت كلماتها، كما دلَّت دموعها، على أنها أصبحت محرومة من السلوى والعزاء. فقد فقدت المحبة موضوعها، وصارت مريم في قرارة اليأس والوحشة.

وما أعظم الشَبَه بين مريم الباكية بروحها المنكسرة، وعروس النشيد ( نش 5: 6 ، 8)، فقد غاب عنها حبيبها، بحثت عنه ولم تجده، نادَته ولم يُعطِها جوابًا، فصارت وحيدة «ومريضةٌ حبًا» لغياب حبيبها.

لقد سمع الملاكان جواب مريم، ولكنهما لم يعطياها ردًا، فلم يكن في مقدورهما أن يعزياها أو يُسليَّاها، والسبب واضح؛ فالمعزي الأكبر كان على مقربة منها، وهما كانا يريان ما لم ترَهُ مريم، وما لم تعلَمَهُ بعد. فإن ذاك الذي كان موضوع بُكائها قد حضر بنفسه ليُعطيها «دُهنَ فرح عوضًا عن النوح، ورداء تسبيح عوضًا عن الرُّوح اليائسة» ( إش 61: 3 ). يسوع نفسه قد اقترب منها، ووقف بجانب تلميذته الباكية. أما الملاكان فوقفا صامتين، وبعدها غابا عن الأنظار، تاركين مريم مع سَيِّدها الذي سبق وقال في موعظته: «طوبى للحزانى، لأنهم يتعزون» ( مت 5: 4 ).

كاتب غير معروف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net