الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 15 ديسمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إبراهيم والانتصار على الطبيعة
فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكًا فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ ( تكوين 22: 13 )
إذا كان طَردْ إسماعيل قد «قَبُحَ جدًا في عيني إبراهيم لسبب ابنهِ»، فماذا يكون الأمر وهو يسمع القول: «خُذ ابنك وحيدك، الذي تُحبه، إسحاق، واذهب إلى أرض المُريَّا، وأصعدْهُ هناك مُحرقةً على أحد الجبال الذي أقول لكَ»؟! إن الخضوع هنا ليس كخضوع “يفتاح” الذي كان من اقتراحه الشخصي (قض11)، لكن كما هو واضح أُلزِمَ به بواسطة الله. ولم يكن المطلوب فقط أن يقبل الطلب ويرضى به، بل إنه هو الذي ينفذه بنفسه!

وقد أطاع إبراهيم. إنه يسلك في طريق الاتكال على الله في سمو وارتفاع فوق كل تأثير. لكن أي تدريب هذا! وأي إنكار للآمال التي كانت تُراوده لفترة طويلة، وللعواطف التي نَمَت وترعرعت أيضًا في تلك الفترة! لم يكن الغرض الذي تنازل عنه مثل يقطينة يونان «التي بنت ليلة كانت وبنت ليلة هلكت» (يون4)، لكن ثمرة سنوات طويلة من الصبر، والاختبار، والاهتمام، والآن كان هو نفسه العامل في تحطيم الكأس الملآنة من شفتيه. أين كانت الطبيعة؟ وأين مطاليبها؟ هل كان مثل “يفتاح” “حزينًا ومُكدَّرًا” في ذلك اليوم ( قض 11: 35 )، أم نظير يونان كان مثل “مغتاظًا جدًا” ( يون 4: 9 )؟ كلا! إن رجل الإيمان، في تلك اللحظة المُرعبة للطبيعة «بكَّرَ صباحًا وشدَّ على حمارهِ، وأخذَ اثنين من غِلمانهِ معه، وإسحاق ابنَهُ، وشقَّق حطبًا لمُحرقةٍ، وقام وذهب إلى الموضع الذي قال له الله» ( تك 22: 3 ). أي هدوء وكرامة يُعطيهما الإيمان! لم يكن هناك شيء فجائي أو بعجلة. فالفترة المُتاحة للتأمل قد امتدت، إذ في اليوم الثالث كان الموضع لا يزال «بَعِيدًا» (ع4).

إن التأمل بتمعُّن في تلك التدريبات التي اجتازت فيها نفس إبراهيم، والتي قادته إلى هذا الصِدق والإخلاص في الطاعة لكلمة الله، لا بد أن يجعلنا نتعجب أمام القوة الفائقة التي يمنحها الإيمان. لقد كان خضوعه وتسليمه كاملين! فهو بيده شخصيًا يأخذ السكين ليذبح ابنه، لكن بالثقة والاتكال على الله «إذ حسِبَ أن الله قادرٌ على الإقامة من الأموات أيضًا» ( عب 11: 19 ).

لقد انتصر الاتكال على الله على مطاليب الطبيعة، والآن تأتي المكافأة “الكَبش المُمسَك في الغابة بقرنيهِ”؛ المسيح، المُحرقة الحقيقية، الذي يضعنا في رِفعة وسمو قدام الله. لا تستطيع أية تقدمة من جانبنا أن توصلنا إليها؛ إنه التعويض لنا بعد كل خضوع وتسليم، وأيضًا هو الشبع الحقيقي والفعلي والكُلي، لقلوبنا.

ج. ب. ستوني
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net