الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 23 ديسمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
اختبار صِقلغ
فَتَضَايَقَ دَاوُدُ جِدًّا لأَنَّ الشَّعْبَ قَالُوا بِرَجْمِهِ ... وَأَمَّا دَاوُدُ فَتَشَدَّدَ بِالرَّبِّ إِلَهِهِ ( 1صموئيل 30: 6 )
ليست هناك ظروف مهما كانت لا يستطيع فيها المؤمن أن يستند إلى الله. هل ضغط الظروف الخارجية يسحقه ويكسر قلبه؟ إذًا فليستحضر قوة الله أمامه، تلك القوة السرمدية التي لا تُغلَب. هل حِمل المرض يسحق ويذِّل نفسه؟ إذًا فليسحب من نبع العطف الإلهي الذي لا ينضب. هل الإحساس بالخطية والإثم يملأه بالخوف ويزعجه؟ إذًا فليتقدَّم إلى نعمة الله التي لا حدَّ لها وإلى دم المسيح الثمين فيخلُص منها. وباختصار، فإنه مهما كان الثِقل أو التجربة أو الحزن أو الاحتياج عظيمًا، فالله أكثر من كافٍ لها، والإيمان يستطيع أن يتكل عليه في جميعها. هذا ما نتعلَّمه من اختبار صقلغ الذي اجتاز فيه داود بحسب ما نقرأ في 1صموئيل 30.

لقد “تشدَّد داود بالرب إلههِ” عندما كان كل شيء أمامه يدعو إلى اليأس والألم. يا ليتنا نُدرك مقدار بركة رجوعنا إلى الله الذي فيه قوتنا الحقيقية وسعادتنا الكاملة. ويا ليت قلوبنا تُفطَم عن محبة الذات وتُفصَل عن العالم وما يُحيط بنا، وننظر إلى فوق فنجد راحة كاملة وتعزية لا تُوصف. وهدف الشيطان الرئيسي هو أن يمنعنا من ذلك. فهو يسعى جاهدًا ليجعلنا نعتبر الأمور الحاضرة هي أقصي حدود آفاقنا، محاولاً أن يُحيطنا بغمامة كثيفة قاتمة ليحجب عنا وجه الله أبينا، فلا نستشعِر يده في ظروفنا. ولكن الإيمان يخترق الغيوم، ويرتقي إلى الله، فلا يرى الأمور المنظورة، بل الأمور غير المنظورة، فيحتمل كل شيء إذ يتطلَّع إلى مَنْ لا يُرى.

لا شك أن الساعة التي عادَ فيها داود إلى صِقلغ كانت واحدة من أظلم ساعاته، لكن لاح فجر داود عندما ظهر الله لمعونته وإرجاعه إلى موضع راحته، وفي نعمته رفع عنه الحِمل الثقيل وفك قيوده وأطلقه حرًا. هذا هو طريق الله. فهو يسمح لأولاده أن يتذوَّقوا الثمار المُرّة بسبب اتخاذهم طريقهم الخاص حتى يعودوا إليه واثقين بأنهم لن يجدوا راحتهم وسعادتهم الحقيقية إلا في حضرته المباركة المقدسة. قد تكون في صِقلغ حماية مؤقتة، لكنها ستزول، وحتى في هذه الفترة فهي تُشترَى على حساب التضحية بالضمير الصالح نحو الله ونحو شعبه، وهي كُلفة باهظة قطعًا.

كان اختبار صِقلغ مُذلاً جدًا لداود، ولكنه كان ضروريًا ولازمًا جدًا له، إذ علَّمه - بعمق - حقيقة نعمة الله وأمانته، فاستطاع أن يرى أنه حتى حين انحطّ إلى قاع الضعف البشري، وجد أن الله هناك في كل ملء نعمته، وهذا درس ثمين جدًا ويجدر بنا أن نتعلَّمه نحن أيضًا.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net