الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 4 ديسمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
آلام المسيح
مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ ( إشعياء 53: 3 )
نستطيع أن نقول: إن المحبة التي دفعت الرب له المجد إلى خدمة الإنسان في هذا العالم كانت سببًا في أن تزداد آلامه إذ يقول بروح النبوة: «بدَلَ محبتي يُخاصمونني .. وضعوا عليَّ شرًا بدلَ خير، وبُغضًا بدلَ حُبي» ( مز 109: 4 ، 5)، «اقضِ لي حسبَ عدلِكَ يا رب إلهي، فلا يشمَتوا بي. لا يقولوا في قلوبهم: هه! شهوتُنا. لا يقولوا: قد ابتلعناه!» ( مز 35: 24 ، 25).

لقد تنهَّد الرب حزنًا عندما طلب الفريسيون آية، لأن هذا كان يُظهر رفضهم له وعدم إيمانهم به، لقد أخذوا مفتاح المعرفة ولم يدخلوا هم، ولم يدعوا الآخرين يدخلون، فقد كانت آلام الرب آلام البر المُقترن بالمحبة.

ولقد تألم ربنا المبارك بسبب رؤيته للخطية، ونستطيع أن نفهم هذا النوع من الألم لو رجعنا إلى لوط الذي كان في سدوم يعذب نفسه البارة بالنظر والسمع. وما أبعد الفرق بينه وبين الرب! وعلى قدر قياس البر والقداسة في كلٍ منهما، على قدر ما تألم كل منهما.

كم كانت آلام ربنا المبارك الكامل القدوس في طبيعته ومشاعره بسبب رؤيته وسمعه للخطية! والرب بسبب طبيعته الإلهية التي كان يعرف بها ما يدور في أفكار وقلوب مَن حوله، كان عُرضة لآلام أكثر، إذ مكتوب «فنظرَ حوله إليهم بغضبٍ، حزينًا على غلاظة قلوبهم» ( مر 3: 5 ). وعندما فتح الرب أُذني ذلك الرجل الأصم، وجعل لسانه الأخرس يتكلَّم، “أَنَّ” من الحزن على نتيجة الخطية في الإنسان. كما بكى عند قبر لعازر، إذ رأى قوة الموت على البشر وعجزهم عن أن يُخلِّصوا أنفسهم منه. وبكى على أورشليم المحبوبة عندما رأى كيف أنها سترفضه في يوم افتقاده لها، وكيف أنها بذلك تذخَر لنفسها غضبًا آتيًا.

أيضًا كانت أحزان الناس في قلبه لأنه مكتوب: «أحزاننا حمَلَها، وأوجاعنا تحمَّلها» ( إش 53: 4 )، فكل حزن أو وجع قابله، قد حمَلَه كما لو كان حزنه.

كل آلامه هذه كانت من محبته الكاملة. لقد كان يسير في مشهد كله خراب حيث إرادة الإنسان مستقلة عن الله، وقلب الإنسان مُقفَل أمام مجاري محبة الله الفيَّاضة العاملة في وسطهم. في كل خطوة من خطواته كانت هناك لحظات مباركة ظهرت فيها حلاوة محبته، تلك التي قادت قلبه خارجًا إلى الحقول البيضاء الناضجة للحصاد. لقد كانت محبته نبعًا دائمًا لحزنه.

داربي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net