الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 20 فبراير 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
حذار من الانحدار!
وَلَمَّا وَصَلَ دَاوُدُ إِلَى الْقِمَّةِ..إِذَا بِحُوشَايَ..قَدْ لَقِيَهُ..وَلَمَّا عَبَرَ دَاوُدُ قَلِيلاً عَنِ الْقِمَّةِ، إِذَا بِصِيبَا.. ( 2صم 15: 32 ؛ 16: 1)
في 2صموئيل 15: 32 وصل داود إلى قمة جبل الزيتون. وفي الحقيقة إنه لم يكن فقط جغرافيًا على قمة جبل الزيتون، ولكنه كان روحيًا في القمة أيضًا، حيث سجد لله، مترنمًا ببعض ترنيماته ومزاميره، ومُتمتعًا بالشركة مع الله. ولكن الوصول إلى القمة شيء، والاحتفاظ بهذه القمة شيء آخر. والمؤمن يظل في أمان طالما هو في مناخ الشركة الواعية مع الرب، ولكن هجر مكان الشركة، والابتعاد عن محضر الرب، والسير وراء الجسد بميوله ورغباته، يحمل أكبر الخطر على حياة المؤمن الروحية. والشيطان دائمًا يُشدِّد الهجوم ضد المؤمن لكي يجعله يرتحل عن القمة الروحية، ويهمل شركته مع الرب، ويتكل على الجسد. وهذه هي بداية الانحدار «إذًا مَن يظنُّ أنه قائمٌ، فلينظر أن لا يسقط» ( 1كو 10: 12 ).

وفي نهاية الأصحاح الخامس عشر نلمَح بداية ارتحال داود عن القمة. والارتحال عادةً يؤدي إلى الانحدار. فنحن نجد داود يتَّكل على الحكمة البشرية، ويلجأ إلى الأساليب الجسدية، والحِيَل الإنسانية، فيُشير على “حوشاي الأرْكيِّ”، وعلى صادوق وأبياثار الكاهنين، أن يلجأوا إلى المواربة والخداع والتظاهر بأنهم عبيد أُمناء لأبشالوم، بينما هم في الحقيقة جواسيس لداود! وفي هذا كان داود الملك يتصرف بطاقة الجسد، باحثًا بأفكاره البشرية الذاتية عن طريقة يُبطِل بها مشورة أخيتوفل، بدلاً من ترك الأمر برمَّته بين يدي الرب، ليستجيب صلاته التي رفعها: «حمِّق يا رب مشورة أخيتوفَل» ( 2صم 15: 31 ).

ولعل تحوُّل داود عن القمة الروحية، ولجوئه إلى المواربة والخداع والأساليب الجسدية، هو ما يُفسر لنا تصديقه أكاذيب صِيبَا، وتسرُّعه في حُكمه المتعجِّل على مفيبوشث؛ فالإنسان الروحي – وليس الجسدي – هو الذي يحكم حكمًا صحيحًا «الروحي ... يَحكم في كل شيء، وهو لا يُحكَمُ فيهِ من أَحدٍ» ( 1كو 2: 15 ). هنا مربض الفرس؛ فلأننا لسنا روحيين، فإننا نحكم - حسب الظاهر – حكمًا ليس صحيحًا.

ليتنا نُدرِّب أنفسنا على الوجود الدائم في محضر الرب، والتمتع بالشركة الدائمة غير المنقطعة مع سَيِّدنا المجيد، ونتعوَّد الاتكال الكامل على الله ملجأنا، ونثق فيه وحده الثقة المُطلقة، فلا نتكِّل على الجسد، ولا على الحكمة البشرية، ولا نتكِّل على الرب بنصف القلب، وعلى خططنا بالنصف الآخر «توكَّل على الرب بكل قلبِكَ، وعلى فهمك لا تعتمد. في كل طرقك اعرفه، وهو يُقوِّم سبُلَك» ( أم 3: 5 ، 6).

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net