الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 30 مارس 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أفراح وهمية وأفراح حقيقية
اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ ( فيلبي 4: 4 )
ما أدخلته الخطية من الحزن وأسبابه الكثيرة جعل الإنسان يسعى جاهدًا لإزالة الغَمّ الذي أحاطه، وأيضًا يحاول ملء فراغه النفسي وشعوره بالخواء؛ فأصبح يبحث عن الفرح، بكل الطرق، للتعويض عن بؤس الخطية. إلا أن الأفراح أنواع:

(1) أفراح إنسانية مؤقتة متزعزعة: فيها يفرح الإنسان بعطايا الله له: زوجة، أولاد، صحة، ممتلكات، مواهب. كما يفرح بإشباع احتياجاته الضرورية: أكل، شرب، جنس، قبول الآخرين له، علاقات اجتماعية. ويفرح باجتهاده وتحقيق طموحاته ونجاحه، وهذا حقه الشرعي؛ إلا أن جميع هذه الأفراح مؤقتة، يتبعها مزيد من الشعور بالاحتياج. وهذا ما اختبره سليمان الملك، الذي أخذ من عطايا ومباهج الحياة أقصاها، إلا أن تقريره النهائي كان: «الكل باطلٌ وقبضُ الريح، ولا منفعة تحت الشمس» ( جا 2: 11 ).

(2) أفراح وهمية غير مشروعة: عندما تسيطر رغبة اللَّذة على الإنسان، ويكون هدفه الحصول على الفرح بأي ثمن، وعندما لا تكفيه الوسائل الإنسانية المؤقتة والمشروعة التي أشَرنا إليها، سوف تدفعه هذه الرغبة إلى الوصول للفرح حتى ولو بطرق غير مشروعة، حتى وإن جعله هذا يتخلَّى عن بعض القِيَم والمبادئ؛ فإلحاح رغبة الحصول على المُتعة يكون أقوى في تأثيره من قوة الإدراك الروحي لخطورة ما يفعل. هذا ما حدث مع شمشون (قض14-16)، وهو ما أشار إليه الكتاب بالقول: «المياه المسروقة حلوة، وخبز الخُفية لذيذٌ» ( أم 9: 17 ). لكن هذه الأفراح ليست فقط وهمية، لكنها أيضًا مُكلِّفة جدًا «في الآخِر تلسع كالحيَّة وتلدَغ كالأُفعوان» ( أم 23: 32 ).

(3) الفرح الحقيقي: هو تيار الفرح الذي يتدفق في كيان الشخص الداخلي الممتلئ والذي لا ينقصه شيء. هو الحالة المزاجية الدائمة للشخص، وهي تختبئ في كيانه الداخلي، تحت أي نوع من التفاعل الخارجي، سواء ابتسامات أم دموع، ينام الشخص ويستيقظ بها. ليست هي بالضرورة رد فعل لشيء مُفرح ظاهر، بل هي مبنية على إدراك واعٍ ليقينيات ثابتة لا تتزعزع تملأ كيانه، وتجعل الروح مستقرة، وكل الكيان يتجاوب معها، فيقول: «قلبي ولحمي يهتفان بالإله الحي» ( مز 84: 2 ). كل سُحُب الحياة وضبابها تَعبُر سريعًا ولا تزيلها. ووجودها يجعل الشخص يعرف كيف يتعامل مع الظروف المُحزنة بيقينياته وإيمانه. إنه حقيقة «افرحوا في الرب كل حين» ( في 4: 4 ).

عصام عزت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net