الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 18 إبريل 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
التعفُّف
وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ ... تَعَفُّفٌ ( غلاطية 5: 22 ، 23)
من المعتاد أن تُطْلَق كلمة “التعفف” على الاعتدال في المأكل والمشرب وما أشبه، ولكنها تعني أكثر من هذا كثيرًا. وفي الحقيقة إن الكلمة اليونانية التي استعملها الرسول المُلهَم من الله يمكن أن تُترجَم بدقة: “ضبط النفس”؛ وهي تُفيد أن الشخص يكون مالكًا ناصية نفسه دائمًا.

هذه نعمة عجيبة يمتد تأثيرها المُقدَّس إلى الحياة بجملتها، فهي لا تفيد التغلُّب على عادة ذاتية واحدة أو اثنتين أو عشرين، بل على “الذات” نفسها بكل اتساع معناها. كم من الناس ينظرون بعين الاحتقار إلى السكِّير والمُسرِف، وهم أنفسهم يفشلون كل ساعة في إظهار نعمة “ضبط النفس”! صحيح إن الإسراف والسُكْر من أحط وأشرّ أنواع محبة الذات، وهما من أمرّ ثمرات تلك الشجرة الكبيرة، ولكن “الذات” شجرة لا ثمرة ولا غصن، والواجب علينا لا أن نحكم عليها عندما تعمل فقط، بل أن نملك ناصيتها فلا تعمل عملاً.

وكيف يمكننا أن نضبط النفس؟ والجواب بسيط: «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يُقوِّيني» ( في 4: 13 ). أ لم نحصل على الخلاص في المسيح؟ وماذا تتضمن هذه الكلمة العجيبة “خلاص”؟ هل هو مُجرَّد النجاة من الغضب الآتي؟ هل هو مُجرَّد غفران خطايانا ونجاتنا من البحيرة المتقدة بنار وكبريت؟ إنه أكثر من هذا كثيرًا، مع أن هذا ثمين للغاية. وبالإجمال نقول: إن لي الخلاص يتضمَّن قبولي المسيح قبولاً قلبيًا تامًا “كحكمتي”، ليُخرجني من ظلمات الجهل وسُبُل الضلال، إلى سُبُل النور السماوي والسلام الإلهي. و“برِّي” ليُبرِّرني في عيني الله القدوس. و“قداستي” ليجعلني مُقدَّسًا عمليًا في كل طرقي. و“فدائي” ليُعطيني الخلاص النهائي من كل قوة الموت، ويُدخلني إلى دوائر المجد الأبدي.

من ثم يتضح لنا أن “ضبط النفس” مُتضمَّن في “الخلاص” الذي لنا في المسيح، لأنه ثمرة من ثمرات التقديس العملي، الذي منحَتنا إياه النعمة الإلهية. و“الخلاص” يمتد من الأزل إلى الأبد، وتدخل ضمن دائرته الواسعة كل التفصيلات العملية للحياة اليومية. لا يجوز لي أن أتكلَّم عن الخلاص فيما يتعلَّق “بالنفس” في “المستقبل”، بينما أنا أرفض أن أُظهِر تأثيره العملي على “سلوكي” في “الحاضر”. نحن قد خَلُصنا، ليس من ذنب الخطية ودينونتها فقط، بل من قوتها وممارستها ومحبتها أيضًا. وهذه الأمور لا يجب أن تنفصل عن بعضها، بل كل شخص متعلِّم من الله معنى قوة وتأثير هذه الكلمة الثمينة “خلاص” لا يمكنه أن يفصل هذه الأمور عن بعضها.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net