الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 12 يونيو 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يسوع وسط المُذنبين
حِينَئِذٍ صُلِبَ مَعَهُ لِصَّانِ، وَاحِدٌ عَنِ الْيَمِينِ وَوَاحِدٌ عَنِ الْيَسَارِ ( متى 27: 38 )
لقد أراد الأشرار أن يُضيفوا إلى مرارة صلب المسيح مرارة وعلقمًا، فوضعوه في مستوى المجرمين، وصلبوه مع المُذنبين. لم يريدوا أن يعتبروه محكومًا عليه بتُهمة مختلفة، فصلبوه مع اللصوص القتلة، بل واعتبروه كأنه زعيمهم، فصلبوه في الوسط!

واللصان، نظرًا لتشابه جريمتهما، بل وربما لاشتراكهما معًا في الجريمة ذاتها، كان المفروض أن يُصلبا متجاورين، وأن يُصلب المسيح في مكان منفصل، فتُهمته التي لفقوها له تهمة مختلفة تمامًا، لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بالسرقة. إلا أن الأشرار قصدوا بهذا التصرُّف التشهير بالمسيح، فصلبوه وسط اثنين من اللصوص. وهم فعلوا ما فعلوا، لا بدون وعي أو قصد، بل بحقد مكين وخبث دفين.

إن ذاك الذي فوق جبل التجلِّي ظهر بمجد مع رَجُلين، كرَّمتهما السماء، ها هو يُصلَب بخزي مع لصين مُذنبين لفظتهما الأرض! وإن كان الآب - فوق الجبل - رفض مقارنته بأفضل القديسين، فإن البشر ساووه بأردأ المجرمين!

لقد كان أولئك الأشرار الأردياء في هذا الأمر - كما في كل ما يختص بمسألة الصليب - يُتمِّمون كلام النبوة رغمًا عنهم. وفي هذا يُعلِّق مرقس البشير على ذلك قائلاً: «فتمَّ الكتاب القائل: وأُحصِيَ مع أثمَة»، مُشيرًا إلى ما ذكره إشعياء 53: 12. ومن هذا نحن نتعلَّم أن النبوة تتم حرفيًا، في أدق التفاصيل. وليس كما يظن البعض ويريدون أن يوهمونا، أن النبوة تتم روحيًا. أمر يقيني نتمسَّك به ولا نتنازل عنه، أن كلام الله هو من الدقة المتناهية في أكبر المسائل كما في أبسطها.

إن مكان الوسَط الذي اختاروه للمسيح هو مكانه الطبيعي. ومن الأهمية بمكان أن نذكر أن المسيح على صفحات الوحي يُذكَر دائمًا أن مكانه في الوسط، يُذكَر عنه ذلك 12 مرة في الكتاب المقدس. ما كان يصلُح له وهو السيد المجيد أن يشغَل سوى مكان الوسَط. ثم إنه باعتباره فادي الخطاة، الذي قَبِل أن يكون مُخلِّصهم، كان في كل حياته محاطًا بالآثمين. ونحن إن كنا نتعجَّب أن الرب قَبِل وهو السماوي، أن يُولَد في مذود بيت لحم تحوطه البهائم، فإننا نتعجَّب أكثر أنه قَبِل وهو البار الذي لم يعرف خطية، أن يُعَلَّق على صليب الجلجثة يَحوطه المُذنبون والآثمون! تبارك اسمك يا ربنا: فأنت المُخلِّص الذي لا نظير لتواضعك، أظهرت تواضعك العظيم في ولادتك، وخلاصك العظيم في موتك!

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net