الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 3 يونيو 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مقابلة في البرية
مَلاَكَ الرَّبِّ كَلَّمَ فِيلُبُّسَ قِائلاً: قُمْ وَاذْهَبْ ... عَلَى الطَّرِيقِ ... إِلَى غَزَّةَ الَّتِي هِيَ بَرِّيَّةٌ ( أعمال 8: 26 )
ربما استغرب فيلبس أن يُطلَب منه أن يترك عملاً ناجحًا في مدينة مزدحمة بالسكان ويذهب إلى الطريق البرية المؤدية إلى غزة، ولكنه أطاع حالاً. لم يعرف لماذا أُرسِلَ إلى هناك، ولكن مع هذا لم يرتبك أو يتأخر عن الذهاب. يجب أن نكتفي في طريقنا برؤية الخطوة التالية فقط «لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان» ( 2كو 5: 7 )، لأننا لا نعرف ماذا ينتج من أعمالنا، وإنما نحن نُعطَى نورًا كلَّما تقدَّمنا في طريقنا. لنعمل واجب اليوم الواضح أمامنا، وعندما يصير الغد حاضرًا يتبيَّن لنا واجبنا فيه أيضًا. إن مسَار حياتنا مُلتَّف كثير الانحناءات، ولا يمكن أن نرى أي جزء فيه ما لم نصل إلى أقرب انحناء، لذلك يجب الاعتماد الكُلي على الله، ونُطيعه من القلب، وتكون الشركة بيننا وبينه مستمرة حتى نعرف أي طريق يُريدنا أن نسلكه.

لا شك أن فيلبس بينما كان يسير في الطريق إلى غزة، كان يفكر فيما عسى أن يجده هناك. وعندما وصل أخيرًا إلى تلك البقعة الموحشة كان يُصوِّب نظره إلى هنا وهناك لعله يرى تفسيرًا لهذا الطلب الغريب، ولكن القلب المُطيع لا يتركه الله طويلاً في حالة الحيرة، بل يرشده إلى ما فيه سكونه وراحته.

وقول لوقا: «وإذا» (ع27) يُبين أن موكب الوزير ظهر فجأةً «وإذا رجلٌ حبشيٌّ خصيٌّ وزيرٌ ... كان راجعًا وجالسًا على مركبتهِ وهو يقرأ النبي إشعياء». يرجح أن الوزير كان يسير في موكب من الأتباع يليق بمقامه، مما جعله يظهر من بعيد. وفيلبس لم يعرف بالطبع مَن هو هذا الرَجُل عندما وقع نظره عليه، ولكن لوقا يذكر وظيفته لكي يظهر سمُّوها، مما يُعطي أهمية لحديثه مع فيلبس.

إن التقاء هذين الشخصين اللذين قاما من جهتين متباعدتين، قاما وكل منهما يجهل الآخر تمام الجهل، لا بل ويجهل الغرض الذي من أجله تلاقيا، يُعلن إعلانًا صريحًا أن يد الله غير المنظورة كانت تعمل في الأمر، فحرَّكت كلاً من الرجلين في طريقه، وأحدثت هذا التقابل في الوقت والمكان المناسبين. وكيف اتفق أن في هذه اللحظة كان هذا الحبشي يقرأ الكلمات التي هي لُب إنجيل هذا النبي الإنجيلي؟ كيف كان يقرأ هذه الكلمات دون غيرها من سفر إشعياء الطويل؟ حقًا إن هذه المُصادفات لغز لا يستطيع حَلُّه مَن ينكر أن العناية الإلهية تُكيِّف طرقنا وكل أمورنا.

اِمسِكْ يَدِي وقُدنِي كما تشـــــــاءْ
لِلحظةِ اختطافِـ يَّ للسَّمَـــــــــاءْ

ج. ر. ميلر
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net