الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 2 يونيو 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
داود .. والقلب المُنكسِر
ذَبَائِحُ اللهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا اللهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ ( مزمور 51: 17 )
«قد انتخبَ الرب لنفسهِ رَجُلاً حسبَ قلبهِ» ( 1صم 13: 14 )

هذه الشهادة عن داود طالما بَدَت في تقدير الكثيرين وكأنها كلام صعب، وذلك بسبب خطايا داود. لكن لا يغربن عن البال أن داود لم يَعفِ نفسه من تَبعة خطاياه، ولا حاول أن يهوِّن عن نفسه. وواضح أيضًا أن الرب لم يشأ أن يُهوِّن من سقطة عبده، فإن ما فعله داود أغضبَ الرب، وكان عليه أن يجني عَلنًا ثمار ما صنع سرًا؛ يحصد ما زرع قدام الشعب كله وقدام الشمس، فقد وقعت عليه الضربة أثر الضربة، تأديب المحبة.

ولكن قبل وقوع أول ضربة قال له ناثان النبي - على أثر اعترافه - إن خطيئته قد رُفعت من قدام الله. لكن نطاق تدريباته واختباراته بين الناس، كان أوسع وأعمق بما لا يُقاس. غير أن ما عرفه عن قلب الله - في أقسى ما لاقى من مِحَن - سحق قلبه، وتلك هي الذبيحة المقبولة التي قدَّمها في كل اتضاع «لأنك لا تُسَرُّ بذبيحة وإلا فكنت أُقدِّمها. بمُحرَقةٍ لا ترضى. ذبائح الله هي روح مُنكسرة. القلب المنكسِر والمُنسحِق يا الله لا تحتقرُهُ» ( مز 51: 16 ، 17). أوَ لم يكن - حتى في هذا - رَجُلاً حسب قلب الله؟ وإذ هو في غمرة الشدة العاتية، كسير القلب مُنسحق الروح تحت ثقل ذنبه، ألقى بنفسه بغير تحفظ على إحسان الله ورحمته الحانية. وهذا الذي أخطأ بغلاظة، أ لم يكن على مستوى أرفع من الأبرار في أعين أنفسهم؟ لقد كان أقرب إلى الله، وأي شيء أسمى من ذلك؟

إن الدراسة الواعية لتاريخ داود تُثبت صِدق الآية «وجدت داود بن يسى رجلاً حسبَ قلبي، الذي سيصنع كل مشيئتي» ( أع 13: 22 ). أما إنه كان آلة في يد الرب لتأدية أهم خدمة لشعبه، فذلك مما لا جِدال فيه. فقد أوصَل شاول الشعب إلى حافة الخراب، وبسبب عناده وإثمه عرَّض للخطر كيانهم ووجودهم كأُمة، لكن داود تركهم مملكة متحدة مستقرة يتمتعون - ولو إلى حين - ببركات الرخاء والسلام تحت حكم سليمان. لكن ليس في هذه النتائج – مهما تكن عظيمة وخطيرة - يمكن أن تكتشف الرَجُل الذي حسب قلب الله، الأمر الذي إن أردناه فلنَعُد إلى سجل اختبارات نفسه، وكيف أنه، على رغم الإخفاق تلو الإخفاق، لم يشأ أن تضعف الصِلَة التي كانت تربط بين الله وشعبه بالنعمة.

فالحمدَ نُهدي لاسمِكَ إلهَنَا الأمينْ
وكُلُّ ذا بالنعمةِ والمجدَ كلَّ حينْ

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net