الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 7 يوليو 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
جدعون والأمانة الإلهية
فَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَالَ لَهُ: الرَّبُّ مَعَكَ يَا جَبَّارَ الْبَأْسِ! ( قضاة 6: 12 )
يوجد حق واحد يسطع بلمعان غير معتاد من خلال سفر القضاة، وذلك الحق هو أن الله هو مَن يُعوَّل عليه على الدوام، حتى في وسط أظلم مواقف التاريخ البشري، وأكثر من هذا أن الإيمان يستطيع دائمًا أن يُعوِّل على الله. فهو لا يُخيِّب مطلقًا القلب الواثق به - لا ولن. وهو لم ولا ولن يمكن أن يُخيِّب النفس التي تثق به وتتمسَّك بكلمته الثمينة في بساطة الإيمان المُجرَّدة التي تُصدِّقه في مواجهة أعمق وأسفل حالات فشل الإنسان وقصوره.

هذا أمر معزٍ ومُشجّع في كل الأوقات، وتحت كل الظروف. صحيح، ويا للأسف، كم هو صحيح! أن الإنسان يفشل في كل شيء. تَتَبَّعه أينما شئت. لاحظه في أي مجال يعمل فيه، أو في أية مسؤولية يُكَلَّف بها، فتجد نفس هذه القصة المُحزنة تتكرَّر مرة ومرارًا؛ خيانة وفشل وخراب. دَعْ الإنسان يوضع في عمل إلى أقصى مدة مُمكنة، وله أكبر رأسمال وأحسن ظروف، وهو لا بد أن يصير في النهاية مُفلِسًا. لقد كان هكذا على الدوام من أيام جنة عدن إلى اللحظة الحاضرة.

ولكن رغمًا عن كل هذا فالله يبقى أمينًا. هو لا يقدر أن يُنكِر نفسه. هنا ينبوع ومحط رحال الإيمان؛ أنه يعرف الخراب، ولكنه يعوِّل على الله. الإيمان لا يتعامَى عن السقوط البشري، ولكنه يثبِّت نظره على الأمانة الإلهية. إنه يعترف بخراب الإنسان، ولكنه يعوِّل على مصادر الله.

والآن فكل هذا يَبرز بصورة مُصغَّرة في قصة جدعون المُلِذَّة. فقد وُضِعَ حقًا بحيث يتحقق في شخصيته وفي اختباراته حقيقة حالة بني إسرائيل الساقطة. والفرق بين يشوع وجدعون - فيما يتعلَّق بمسألة حالتيهما وظروفهما - فرق مُدهش إلى أقصى حد ممكن. يشوع استطاع أن يضع قدمه على أعناق ملوك كنعان، وجدعون كان عليه أن يخبط حنطته في ركن، ليُهرِّبها من المديانيين. كان عصر يشوع مُتميزًا بالانتصارات الباهرة، وكان عصر جدعون عصر الأمور الصغيرة. ولكن عصر الأمور الصغيرة بالنسبة إلى الإنسان هو عصر الأمور الكبيرة بالنسبة إلى الله. هذا ما تحققه جدعون. صحيح أنه لم يكن مسموحًا له أن يشاهد الشمس والقمر يوقَفَان عن مسيرهما، أو مُدن الغُلف تُهدَم حتى مستوى الأرض، بل أيامه كانت أيام كعكات الشعير، والجِرار المكسورة، وليست أيام العجائب المدهشة والأعمال الفذة، ولكن الله كان معه وهذا كان كافيًا.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net