الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 21 أغسطس 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
صرخة الدهور
إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ ( متى 27: 46 )
 إلهنا المبارك، ما أمجدك في موتك الإرادي، وكُلفته الكفارية، وعباراتك (عبارات الصليب السبع) المرتبة بحكمه إلهية! والأوسط منها (العبارة التي أمامنا) هي تاجها كلها. فلولا تركك ما كان غفران لصالبيك، ولا مكان في الفردوس لمُعيريك، ولَمَا ارتوى ظمأك وما أكمل عملك!

 وما أعظم الله مُبطِّنًا غرفة عدله بالأسرار، ومُغلفًا إياها بالظلام، حاجبًا كل أسرار الفداء الأبدي، عن أعين كل المخلوقات! ما أحلكها ظلمة دخلتها ربي، فدخلت إلى نفسك وغلَّفَتها! فما عادت الظلمة حولك، إلا انعكاسًا لِما في نفسك. ولم تخترق هذه الظلمة سيدي إلا صرخة الدهور المدوية لأسد سبط يهوذا زائرًا، بعد تنور العدل الالهي صارخًا: «إلهي، إلهي، لماذا تركتني، بعيدًا عن خلاصي، عن كلام زفيري (زئيري)؟» (مز22: 1). ما أقواها من صرخة هتكت كل ستائر الظلام، فرجع النور كما كان!!

 وما أقساه تركًا والله فيه قد سبقك، بعد ان ذهبتما كلاكما معًا ( تك 22: 8 )! وتباعد عنك أنت الرجل رفيقه، بل نسيك، وإياك رفض، وعنك وجهه قد حجب! وإذ تُرِكت سيدي فمِن بسمة رضى أبيك حُرمت. فتحوَّلَت جزة حياتك المملوءة طلاً من رضاه، إلى يبوسة قيظ كلها جفاف، طوال كفارة الثلاث ساعات. وما أقساها عليك محرومًا من سَندة الروح القدوس وقوته، في أشد الأوقات احتياجًا له! وأما عن مجد لاهوتك محجوبًا عن ناسوتك، أثناء تركك، يا مَن لم يفارق لاهوتك ناسوتك، فهذا من أسرار الأبد.

 ما أجملك سيدي على الصليب لإلهك وأبيك، بدل المرة مرات صلَّيت! ولكن أمام قُدسية صلاتك، في ساعة الصلاة التاسعة، «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟»، فالقلب خاشع. وما أكملك إنسانًا مُناديًا الله بإلهك، منفردًا بندائك له مرتين: «إلهي، إلهي»! وما أثبتك للإيمان نموذجًا، واثقًا في إلهك حتى بعد تركك، صارخًا إليه لا مُتباعدًا عنه!! وما أدق اختيارك لتعبيراتك حتى في صراخك «لماذا تركتني؟ (وليس تاركني)»، مُعلِنًا أن الترْك انتهى، والعمل كَمُل، والشركة عادت للمتروك العظيم.

 يا رافع خطية العالم ورافع خطايا مفدييك؛ ما أبهظها كُلفة وصراخك لقلبي مسموع «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟»، وأنت للخطايا سَيدي حامل! وما أكرمها نتائج لصراخك، وكُلفة خلاصي مُسدَّدَة، وثمن سعادتي مدفوع، وأنا بحب الصليب مغمور ساجد لك، يا صاحب صرخة الدهور!

أشرف يوسف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net