الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 20 أغسطس 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الطِيب المحفوظ واللص المدسوس
فَقَالَ يَسُوعُ:«اتْرُكُوهَا! إِنَّهَا لِيَوْمِ تَكْفِينِي قَدْ حَفِظَتْهُ ( يوحنا 12: 7 )
لقد حفظت مريم هذا الطيب وكميته “مَنًا” أي 500 جرام، ومادة الصنع “ناردين” وهو نوع من الأطياب قوي الرائحة زيتي القوام، يُستخرَج من جذور وأغصان نبات عشبي مُعمِر ينمو على قمم جبال الهيمالايا في شمالي الهند. كانت تُجفف أغصانه الشبيهة بالسنابل، ولذلك يُسميه العرب “السنبل الهندي”. وكان الناردين “خَالِصًا” أي غير مغشوش، و“كثير الثمن” فقد قُدِّر ثمنه “بثلاثمئة دينار”؛ أي ما يوازي أجر عامل لمدة عام. يا له من مشهد رائع نراه في بيت عنيا؛ بيت التعب والعناء! الرب يُكرَم من الأحباء، حيث صنعوا له العشاء. فنجد مرثا تخدم دون تذمر، ونجد لعازر المُقام من الأموات أحد المتكئين، ونجد قلب مريم ينسكب بالسجود، إذ تأتي بما قد حفظته خصيصًا لهذا اليوم، لتكسر القارورة، وتسكب الطيب على رأس الرب، حتى لا يتبقى منها شيء تتعلَّق به فيما بعد. وهذا هو ما يستحقه الخادم الكامل كما أبرزه لنا مرقس ( مر 14: 3 ). أما متى الذي يقدِّم لنا الرب باعتباره الملك الحقيقي، الذي يستحق هذا الطيب، فيقول: «سكَبَتهُ على رأسهِ وهو مُتكئٌ» ( مت 26: 7 ). ولكن يوحنا الذي يقدِّم لنا المسيح باعتباره ابن الله فيقول: «دهنت قدمي يسوع، ومسَحَت قدميهِ بشعرها» ( يو 12: 3 ). لقد فعلت مريم حسنًا، بهذه الكمية من الطيب الذي سكبته على الرب من الرأس إلى القدمين. لقد قدَّرت الرب تمامًا بما حفظته له، وبشعرها الذي هو كناية عن مجدها، نزلت عند قدمي الرب لتمسحهما. وهكذا نشتَّمْ رائحة الطيب تفيح من بيت سمعان الأبرص «فامتلأ البيت من رائحة الطيب» ( يو 12: 3 ). والرب لا ينسى تعب المحبة أبدًا، فقد مدحها الرب إذ عملت هذا العمل الحسن، موبخًا التلاميذ قائلاَ لهم: «لماذا تُزعجون المرأة؟ فإنها قد عملت بي عمَلاً حسنَا!» ( مت 26: 10 ). ونالت مريم عربون المكافأة من الرب «الحق أقول لكم: حيثما يُكرَز بهذا الإنجيل في كل العالم، يُخبَر أيضًا بِما فعلتهُ هذه تذكارًا لها» ( مت 26: 13 ).

ولكننا نجد اللص المدسوس؛ يهوذا الإسخريوطي الخائن، الذي كان سارقًا للصندوق، وكان يَحْمِلُ ما يُلْقَى فيه ( يو 12: 6 )، ها نحن نراه يذهب إلى رؤساء الكهنة ليتفق معهم على صفقة تسليم الرب لهم، بعد أن فشل في إتمام سرقة ثمن الطيب المحفوظ. أسفًا عليك يا يهوذا! لقد بِعت سَيِّدك بأبخس الأثمان، وخرجت من محضر الرب «وكان ليلاً» ( يو 13: 30 )، وسيستمر لَيْلَك إلى أبد الآبدين، جزاء ما فعلت.

منسى ملاك
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net