الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 6 سبتمبر 2016 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
حكمة الله في الألم
فَتَعْلَمُونَ أَنِّي لَمْ أَصْنَعْ بِلاَ سَبَبٍ كُلَّ مَا صَنَعْتُهُ فِيهَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ ( حزقيال 14: 23 )
تظهر حكمة الله في الخليقة، التي عندما نتأملها نهتف مع المرنم: «ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمةٍ صنعت» ( مز 104: 24 ). وتظهر كذلك في خَلق الإنسان بصفة خاصة، فيهتف كلٌ منا: «أحمدُكَ من أجل أني قد امتزتُ عجبًا. عجيبةٌ هي أعمالك، ونفسي تعرف ذلكَ يقينًا» ( مز 139: 14 ). وظهرت حكمة الله في الصليب لخلاص البشرية ونجاتها وحياتها. ومع أن الإنسان لم يقنع بهذه الطريقة، فصارت الكرازة بالصليب «لليهود عثرةً، ولليونانيين جهالةً» ( 1كو 1: 23 )، ولكن لا يوجد خلاص بدون الصليب!

لكننا نستطيع أيضًا أن نرى حكمة الله من خلال الألم، فإلهنا هو «الإله الحكيم الوحيد» (يه25)، مصدر كل حكمة، وحكمتنا نحن هي فقط ما نستقيه منه هو، نبع الحكمة. وهو يُعلِّمنا ويُهذبنا ويُصلِح من شأننا. ولكي يفعل هذا، لا بد من الألم. وإذا كان من السهل إدراك حكمة الله في الخليقة وفي الصليب، ولو جزئيًا، ولكن التحقق من حكمة الله في الألم أمرٌ صعب، يرفضه المنطق البشري، لأننا ببساطة لا نريد أن نتألم: فالاضطهاد صعب، والعبودية والسجن أمرٌ قاسِ، وأرض السبي والمذلة والبُعد عن الأهل والأصدقاء لا يُحتَمل، وأتون النار المُحمَّى سبعة أضعاف ما أرهبه! وجُب الأسود مُرعب، وفقد الأحباء يكسِر القلب، والمرض مُذِّل.

والله في حكمته يرى أن هذه هي الأفضل لنا، وقد ثبت صحة وصِدق هذا تمامًا وعلى طول الخط: «فتعلمون أني لم أصنع بلا سبب كل ما صنعته فيها، يقول السيد الرب» ( حز 14: 23 )، فهل نُسلِّم له؟

وحتى، إن كنت أتألم نتيجة أخطائي «كقاتل، أو سارق، أو فاعل شر، أو مُتداخل في أمور (غيره)» ( 1بط 4: 15 )، فالله يتعامل معي كالأب الحكيم، فأنا بخطئي لم أفقد بنويتي، بل ما زلت ابنًا محبوبًا. وشروري لن تُفقد الله حكمته، فقد نفقد نحن صوابنا في تصرفاتنا، ولكن حاشا لله أن يتخلَّى عن حكمته في التعامل معنا.

أم ليست الطبيعة نفسها تُعلِّمُنا أن النبات يشتَّد عوده ويقوى ساقه عندما يتعرَّض للرياح والعواصف الجوية؛ والثمار لا تنضج بدون الشمس والرياح؛ والنسور الصغيرة لا يمكن أن تقوى أجنحتها وتتعلَّم الطيران إلا إذا اهتزت أعشاشها وتركت أوكارها؛ والله في حكمته السامية إذا حرك العش فإن أذرعه الأبدية تُحيط بنا، من تحتنا ومن حولنا، لكى نتقوَّى ونُحلِّق في أجواء السماويات.

فرنسيس فخري
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net