الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 29 يناير 2017 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
رجل مسكين حكيم!
«مدينة صغيرة فيها أُناسٌ قليلون، فجاء عليها ملكٌ عظيمٌ وحاصرَها، وبنى عليها أبراجًا عظيمة» ( جامعة 9: 14 )
المدينة الصغيرة هي الأرض التي نحيا عليها، والتي يظهر مدى صغرها عندما تُقارَن بالكواكب الأخرى الموجودة في المجرَّات الفضائية. ولكن هذه المدينة كانت هدفًا لملك عظيم حاصرها وشدَّدَ حصاره عليها، فقد بنى عليها أبراجًا. وهذا الملك العظيم هو صورة للشيطان الذي حاصر كوكبنا، وحارب الإنسان من البداية (تك3)، وأصبحت «الأرض مُسلَّمة ليد الشرير» ( أي 9: 24 )، بل «العالم كله قد وُضع في الشرير» ( 1يو 5: 19 ). إذ حاصر الشيطان البشر بالخطية والشهوات والنجاسة والظلم، وفي الوقت ذاته فصل الإنسان عن الله. فالحصار يفصل بين المُحاصَر وغيره «آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلهكم» ( إش 59: 2 ). لقد قرَّبنا الشيطان من الخطية، وأبعَدنا عن الله!

ولا عَجَب فى أن يوصَف الشيطان بأنه «ملِكٌ عظِيمٌ»؛ فإدراكنا لحجم تميُّزه قبل السقوط يجعلنا نتيقن من دقة وصفه بأنه عظيمٌ (إش14؛ حز28). وللأسف استخدم الشيطان هذه العظمة في الشر؛ بنى على المدينة «أبراجًا عظيمة».

ولقد وُجِدَ في هذه المدينة «رَجلٌ مسكينٌ حكيمٌ» (ع15). هذا الرجل هو الرب يسوع. إنه ”وُجِدَ في المدينة“، فهو لم يكن من المدينة، ولكنه وُجِدَ فيها! هو لم يكن من عالمنا، ولكنه جاء إلى العالم متجسدًا. هو الشريف الذي أخلى نفسه. هو أيضًا ”المِسكِين“ الذي افتقر من أجلنا وهو الغني. وهو المسكين الذي أعيا وسكب شكواه أمام الرب (مز102). ولكنه ”الحكيم“ أيضًـا. والوحيد الذي كان مَمْلُوًّا حكمة هو الرب يسوع المسيح. ولذا ليس بغريب أن نقرأ أنه: «نجَّى هو المدينة بحكمتهِ». إن حكمة المسيح تمثَّلت في ذهابه إلى الصليب حيث أظهر محبة الله للإنسان، وحيث أرضى عدل الله هناك. وعلى الصليب «الرحمة والحق التقيا. البرُّ والسلام تلاثَمَا» ( مز 85: 10 ). وهذه هي حكمة المسكين الحكيم.

ويُعلّق سليمان على هذا بالقول: «الحكمة خيرٌ من القوة ... الحكمة خيرٌ من أدوات الحرب» ( جا 9: 16 ، 18). فالمسيح خلَّصنا ليس بقوته بل بضعفه، ولكن بكامل حكمته. اليهود كانوا يطلبون قوة (آيات) ( 1كو 1: 22 )، ولكن المسيح لم يَفدنا بالقوة، لكنه بالضعف داس القوي في أمنع الحصون، فقد «صُلِبَ مِن ضعف» ( 2كو 13: 4 ).

إبراهيم شحاتة
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net