الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 30 يناير 2017 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
درس من المُعلِّم
«مَن لا يقبل ملكوت الله مثل ولدٍ فلن يَدخُلَهُ. فاحتضنهم ووضعَ يديه عليهم وباركهم» ( مرقس 10: 15 ، 16)
في ذلك الوقت من حياة الرب لم يَعُد هناك في العالم إلا كل ما يُعادي الله، وغابَ كل ما من شأنه أن يُفرح الرب، وحتى تلاميذه لم يفهموه ( مر 10: 13 ، 14). وعلى هذه الخلفية انتعشَ – تبارك اسمه – بالأطفال، إذ وجد ما يُفرحه في طبيعتهم، مُظهرًا عواطفه من نحوهم.

(1) روح الطفل: إن الروح العالمية؛ والتي لا تُقدِّر الأطفال، هي مرفوضة تمامًا بالنسبة للمسيح. فالطفل ليس له أية قيمة في نظر العالم. فأي سلطان يمكن أن يكون لطفل في غابة هذا العالم؟ ولكن الرب – تبارك اسمه – يُعلن أن له قيمة عظيمة في عينيهِ، بل إنه نموذج لقاطني الملكوت. وروح الوداعة التي يتَّسم بها طفل صغير غير قادر على إثبات حقوقه في وجه عالم لا يعتَّد به، هي تلك الروح التي لا بد أن تُميِّز بني الملكوت. أو بعبارة أخرى روح الوداعة والاتكال الكامل على غيره. وقد كان على التلاميذ أن يصبحوا مثل أطفال صغار في غياب سيدهم المرفوض. هذه هي الروح التي تُلائم تابعيه. ومن روائع ما يُميز الطفل هو استقباله الدائم. فالطفل لا يستطيع أن يُنجز أعمالاً عظيمة بنفسه، إنه يستقبل بسهولة جدًا. وهذا هو المبدأ الحقيقي في الملكوت، فدخول الملكوت يعتمد تمامًا على ما استقبله. وتبارك اسمه مركز ومؤسس الملكوت كان أعظم نموذج للاستقبال. كان دائمًا يستقبل من الآب؛ إذ يفتح له أُذنه كل صباح ( إش 50: 4 ). تحدَّث الفريسي عن فساده بفخر، وتحدَّث الابن الضال عن ضلاله بحزن، وكلاهما يختلف عن الطفل. فالطفل لا ماضي له ولا سوابق. ولهذا إن كان لك ماضِ، فعليك أن تتركه تمامًا كما فعل الابن الضال. وعليك أن تُسقِط كل تطوُّر وكل مُكتسباتك (كالتي للشاب الغني مر17:10-22) وتعود للطفولة للتمتع بالملكوت.

(2) تصرف الرب: لقد اغتاظ الرب من التلاميذ عندما انتهروا مَن أتوا بالأطفال إليه. وأما هو فاحتواهم بذراعيه، ووضع عليهم يديه ليُعرِّفهم بذاته ويُعلن محبته لهم، ثم نراه يَهَبهم بركته المُتفاضلة. ما أروعها لمسة لمُحتاجيها، وبركة لمَن لم يسألوها، ومحبة واحتضان لمَن لم ينتظروها ولا فكَّروا فيها!

ما أجمله مُعلِّمًا ونموذجًا للتعليم، يُشرِّب تلاميذه روح الاتضاع والاتكال من ناحية ( مت 11: 29 )، وروح الأبوَّة المعطاءة والمُحتضنة للبشرية، من ناحية أخرى!!

أشرف يوسف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net