الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 23 نوفمبر 2017 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
داود .. ودروس التكريس
«جاء أسدٌ مع دُب وأخذ شاةً من القطيع، فخرجتُ وراءهُ وقتلتهُ وأنقذتـهـا من فيهِ» ( 1صم 17: 34 ، 35)
إذ وجد داود نفسه وحيدًا مع غنيمات أبيه، بينما إخوته يستمتعون بأسباب الراحة في مجتمع الأسرة، قنع بأن يقوم بواجبات الفتى الراعي. وتلك كانت مدرسته الأولى، وفيها تعلَّم دروسه الأولى، دروس التكريس في طريق الواجب، دروس الثقة في الرب في ساعة الخطر. وخير صورة لهذا نجدها في أقواله: «كان عبدُكَ يرعى لأبيه غنمًا، فجاء أسدٌ مع دُب وأخذ شاةً من القطيع .. قتلَ عبدُكَ الأسد والدُّب جميعًا» ( 1صم 17: 34 - 36).

يا له عطفًا حتى في آلام شاة! ويا لها شجاعة تقترن بذلك العطف! أين تعلَّم تضحية التكريس في شأن المظلوم؟ هل كان شيئًا طبيعيًا بالنسبة له؟ هل عثرنا على ذرة من هذا النُبل في وسط أسرته؟ كلا. والدليل على ذلك عدم اهتمام أبيه وإخوته. أمَا كانوا يعلمون أن الأسود والدببة كانت تعوي وتزأر في تلك البرية؟ إذن فلماذا تركوا فتاهم نهبًا لها هناك دون حراسة ووقاية؟ وحتى حين جاء صموئيل ليذبح للرب، ودُعي مع يسى بنوه جميعًا لكي يشاركوا في الوليمة، أتوا جميعًا ما عدا ذلك الغلام. فما اتجه إليه فكر واحد منهم جميعًا، مع أنه كفتى صغير كان أجدر بعطفهم وسؤالهم. فهل تراه يَخور لأنهم أهملوه؟ وهل تراه أغفَلَ أمر شاة معهودًا إليه ما دام أهله أغفلوه؟ يا ضيعة الشاة لو حدث ذلك، فما كان هنالك سواه مَن يدفع عنها أذى الصائد. بل كان هو نفسه بلا عون، غير أن القدرة الكُليَّة كانت في صفه. هيَّا بنا نلقي نظرة على مزمور 23 الذي كتبه داود. ففي تلك الأيام الأولى من حياة الصبوَّة، كم من التغيرات اجتازها: من حظائر الغنم إلى بلاط شاول، ثم عودته إلى القطيع، ثم دفعَهُ إلى المحلة! لكن الحياة على رغم هذه التقلُّبات لم تكن لتُثير فيه قلقًا أو مخاوف «الرب راعيَّ فلا يعوزني شيءٌ». ولمَّا فاجأته غزوة الأسد والدُّب كان لها، وكان على استعداد للنزال «لا أخافُ شرًا لأنك أنتَ معي». ولمَّا طغى الرُعب بأهواله على أرواح الشعب بسبب جليات، وقف هو ثابتًا لا ينثَني، «لا يسقُط قلب أحد بسببه .. الرَّب الذي أنقذني من يد الأسد ومن يد الدُّب هو يُنقذني من يد هذا الفلسطيني». وبذلك حاول أن يُعزِّي الآخرين بالتعزية التي تعزي هو بها من الله. أوَ ليس هذا حسب قلب الرب الذي هو على استعداد ـ أبدًا ـ لتشجيع الخائرين.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net