الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 26 نوفمبر 2017 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
المسيح يشرب الخل!
«لكي يتم الكـتاب قال: أنا عطشان .. فلمَّا أخذ يسوع الخل قال: قد أُكمل» ( يوحنا 19: 28 ، 30)
أشارت الأناجيل الأربعة إلى شرب المسيح للخل. ومن متى ومرقس نفهم أنهم قدَّموا الخل للمسيح مرتين: الأولى في بداية عملية الصلب، وكان خلاً ممزوجًا بمرارة، كنوع من المخدِّر، وفي هذه المرة ذاق المسيح الخل لكن لم يشربه؛ ذاق المرارة لكنه رفض أن يتخدَّر لكي يشعر ـ في إنسانيته ـ بكل الآلام التي كانت ستقع عليه. وأما المرة الثانية ـ وهذه أشار إليها أيضًا كل من لوقا ويوحنا ـ فكانت بعد ساعات الظلمة، وقبل أن يُسلِّـم الروح مباشرةً. وبهذه الإشارات الست في الأناجيل الأربعة، مع الإشارة الواردة في مزمور 69: 21 نحصل على سبع إشارات في الكتاب لشرب المسيح الخل.

أ ليس عجيبًا أن ذاك الذي سواقيه ملآنة ماء، والذي يروي أتلام الأرض، وبالغيوث يُحلِّلها ( مز 65: 9 ، 10)، والذي وقف مرة في أورشليم وسط جمع حاشد، ينادي قائلاً: «إن عطش أحدٌ فليُقبِل إليَّ ويشرب» ( يو 37: 7 )؛ نعم، أ ليس عجيبًا أننا نسمعه هنا يقول: «أنا عطشان». لقد بدأ المسيح خدمته بالجوع، وختمها بالعطش! والشيطان في بداية خدمته قدَّم له الحجارة مكان الخبز، والناس في ختامها قدَّموا له الخل مكان الماء!

تأمَّلي يا نفسي في ذلك الفادي المجيد، وفي طريقه في هذا العالم. ففي بدايته، لم يكن له مكان في المنزل، فبدأ حياته في مذود للبهائم؛ وفي نهايته، لم يكن له حتى كوب ماء يروي غليله. فيا لعمق الاتضاع والفقر!

لقد كان ـ تبارك اسمه ـ فوق الصليب، بلا ثوب يستر جسده، وبلا رفيقٍ أو حبيبٍ يواسيه، بل وبلا أبطال من حوله يشقون المحلة ليستَقوا الماء ليُقدِّموه إلى سيدهم المهيب، كما حدث سابقا مع داود (قارن 2صم15:23،16). إنه هنا عطشان. وخرج من العالم عطشانَ!

له ميازيب السَّما وكلُ غمرٍ قد طما
لكنه من الظما قال أنا عطشان!

لكن من الجانب الآخر هو شخص ليس له نظير، فهو ليس فقط لم يعمل لأجل نفسه شيئًا، بل أيضًا لم يتكلَّم لأجل نفسه كلمة. فحتى في أدَّق الخصوصيات، وألزَم الضروريات، عندما عطش عطشًا شديدًا فوق الصليب، لم يَقُل «أنا عطشان» لكي يُروي ظمأه، بل «لكي يتم الكتاب»!

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net