الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 30 نوفمبر 2017 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
جدعون وجراره الفارغة
«الثلاث مئة الرَجُل ... جعل أبواقًا في أيديهم كلهم، وجرارًا فارغة ومصابيح في وسط الجرار» ( قضاة 7: 16 )
كان الشعب يرزح تحت ثقل عبودية المديانيين، الذين أدخلوا الشعب في مجاعة شديدة، إذ كانوا ينزلون عليهم ويتلفون غلَّة الأرض، ولا يتركون لهم قوت الحياة، حتى ذلوا إسرائيل جدًّا. وكم نتعجب أن ينتقي الرب جدعون ليُحقق به انتصارًا، ويكون السلاح المُستخدَم ليس أكثر من جرار ومصابيح؟!

إن كنا سنبحث عن مؤهلات في جدعون، فإننا سنُحبَط كثيرًا، إذ إنه شخصية مُتردِّدة للغاية، كما أنه جبان جدًا ( قض 6: 27 ، 36، 39؛ 7: 10). ومعروف أن مَن يقود جيشًا في حرب لا بد أن يكون عكس ذلك تمامًا، فكيف يتَّخذ المُتردِّد قرارًا؟ وكيف يدخل الخائف حربًا؟! غير أنه كان له سِمات أخرى كانت كافية بالنسبة للرب لأن يجده مناسبًا لقيادة الشعب، وهو تقديره للحنطة، وقدرته على تنقيتها، ومحبته لشعبه. فكان جدعون يُدرك أهمية الحنطة، وكان عنده الإمكانية أن يفصل الحنطة عن التبن، كما أن محبته لشعبه كانت قوية جدًا، جعلته يتغلَّب على خوفه، ويُخاطر بحياته ليُهرِّب حنطة لهم! فما أعجب أن نرى ملاك الرب؛ الرب نفسه، جالسًا تحت البطمة، متأملاً ومُستمتعًا بجدعون، وهو يفصل الحنطة عن التبن، وكأن جدعون يُردِّد الكلمات التي قالها الرب بعد ذلك: «ما للتبن مع الحنطة يقول الرب؟» ( إر 23: 28 )، كان جدعون قادرًا على تنقية الحنطة، إذ إنه كان يدرك أن «الحنطة تُنمِّي الفتيان» ( زك 9: 17 ).

إن ما كان عليه جدعون عبَّر عنه السلاح الذي استخدمه، فلم يكن جدعون أكثر من آنية هشة من خزف، أو كما رآه المدياني في حُلمه ”رغيف شعير“ ( قض 7: 13 ، 14)! غير أن بداخل هذا الإناء الهش الضعيف مصباحًا، فلـه عندئذ أن يقول ما قاله بولس لاحقًا: «لنا هذا الكنز في أوانِ خزفية، ليكون فضل القوة لله لا منَّا» ( 2كو 4: 7 ). أ لم يستكثر الرب الشعب الذي مع جدعون والذي كان عددهم 32 ألفًا، فصاروا 300 رجل، بالرغم من أن الأعداء كانوا كالجراد في الكثرة ( قض 7: 12 )، إذ قال لجدعون: «إنَّ الشعب الذي معك كثيرٌ عليَّ لأدفع المديانيين بيَدهم، لئلا يفتخر عليَّ إسرائيل قائلاً: يدي خلَّصتني» ( قض 7: 2 ). كان جدعون والثلاثمئة الذين معه بمثابة جرار من خزف، لا قوة لهم أمام قوة الأعداء، لكن كان هناك ”الكنز“، كان هناك الرب في جلاله ومجده، ومن ثم كانت هناك النُصرة الأكيدة!

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net