الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 2 سبتمبر 2017 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
هذا الطعام السخيف!
«لماذا أصعدتمانا من مصر لنموت في البرية؟ لأنه لا خبز ولا ماء، وقد كرهَـت أنفسنا الطعام السخيف» ( عدد 21: 5 )
لم يجد الشعب قديمًا في البرية خبزًا كما لم يجد ماء. لا شيء يُقيتهم ويحفظ لهم الحياة. هذا في الرمز يُصوِّر حقيقة جوهرية من حقائق الحياة المسيحية، فإن المؤمن المسيحي قد حصل على حياة جديدة ليس لها في هذا العالم وأشياء العالم، أي طعام أو شراب. لمَّا كنَّا في الجسد قبل الإيمان كنا نجد في العالم طعامًا، وكنا نجد في أشيائه وأموره ما يُشبع وما يُروي. أما الآن فليس لنا فيه طعام ولا شراب، لأننا لسنا من العالم كما أن المسيح ليس من العالم، فأي طعام يُناسبنا فيه؟ وكيف يمكن أن نُطفئ عطَشنا من ينابيعه الفاسدة؟

هذه حقيقة هامة جدًا وهي أن البرية لن تُقدِّم للمؤمنين خبزًا للأكل ولا ماء للشرب، لأنهم ينتمون إلى عالمٍ آخر. نعم من مصدر سماوي واحد؛ من ربنا يسوع المسيح وحده نأخذ سداد الأعواز، هو وحده الذي يُغذِّي نفوسنا ويُنعش حياتنا وكل ينابيعنا فيه وحده. في العالم من حولنا فخاخ ومخاطر، ولكن لنا الله حافظ ومُخلِّص، وقادر أن يُغنينا عن الاتكال على مصادر العالم. لأن مصادر حياتنا الجديدة هي على مستوى أعلى، وقُوَتُنا تأتي من الأعالي. ويستطيع المسيح فينا أن يُضيء ظلمة العالم حولنا، فنكون فيه شهودًا له ولنعمته، وشهودًا ضد الظلمة وما تستحقه من دينونة عتيدة.

وإن خَلَت البرية من الخبز، إلا أن الله قد أمدّ شعبه بخبز من السماء، بالمَّن الذي لم ينقطع يومًا واحدًا طول مدة ترحالهم في البرية. وفي هذا المَّن رمز جميل لحياة الاتضاع التي عاشها ربنا يسوع على الأرض؛ حياة الوداعة الرقيقة، والكمال الأدبي من جميع النواحي. حياة ذلك الغريب والنزيل. وفي كل هذه الصفات السماوية هو طعامنا الذي يسندنا ويزودنا في الطريق.

ومع هذا فإن القوم قديمًا ضاقوا بهذا الطعام وكرهوه كطعام سخيف، وهل من الممكن أن نقول نحن مثل هذا القول؟ وإن لم نَقُله بالحرف، هل يمكن أن نوجَـد في نفس تلك الحالة؟ نعم بكل أسف، فإن فينا طبيعتين؛ طبيعة جسدية وطبيعة روحية، وهاتان تقاوم إحداهنَّ الأخرى. ولو أننا فرَّطنا في السلوك بالروح فلا بد أن يُثْبِت الجسد وجوده؛ الجسد الذي لا يحب المسيح ولا شيئًا ممَّا للمسيح. الجسد الذي يضيق بالمسيح وينصرف عن المَّن السماوي. ليت الرب يحفظنا – بنعمتهِ – من فقدان الشهية لطعامنا الرقيق اللذيذ.

ف. و. جرانت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net