الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 26 سبتمبر 2017 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
المجد العتيد
«فإني أحسب أنَّ آلام الزمان الحاضر لا تقاسُ بالمجد العتيد أن يُستعلن فينا» ( رومية 8: 18 )
عندما جاء الرب يسوع علَّم أن الإنسان لا يُجازَى فقط على أعماله، بل على أفكاره ونواياه الداخلية أيضًا. فقد مدَح أو وبَّخ الإنسان ليس بمقدار ما عمل، بل بمقدار ما أراد أن يعمل، وليس بمقدار ما أعطى، ولكن بمقدار الدافع الذي دفعه لأن يُعطي، وليس بمقدار المبلغ الذي دفعه، بل بمقدار التضحية التي تُعبِّر عنها العطية، كما يتضح مما يبقى معه، كما في حادثة الأرملة التي أعطت الفلسين، ورأى أنها أعطت كل معيشتها كل ما عندها، ومدَحَـهـا من أجل ذلك، ووبَّخ الكتبة والفريسيين الذين كانوا يُعطون ليراهم الناس فقط.

وفي مجال آخر قرَّر المسيح أن مَن نظر إلى امرأة واشتهاها فقد زنى بها في قلبه. فهو هنا يوبخ الإنسان على أفكاره لا على أعماله. ليس على ما عمل، بل على ما كان يريد أن يعمل؛ وبذلك ينظر الرب إلى أعماق قلب الإنسان عند تقديره له. ومن ثم كان توبيخه للكتبة والفريسيين الذين كانوا يظهَرون من الخارج أبرارًا، ولكن قلوبهم كانت مملوءة رياءً وإثمًا. وأيضًا كان يحكم على أعمال الناس بمقدار النور والمعرفة التي وصلت إليهم.

وطلب من أتباعه أن ينتظروا الأجـر السماوي، وأن لا يقاوموا الشر قائلاً لهم: «افرَحوا وتهلَّلوا، لأن أجرَكم عظيمٌ في السماوات» ( مت 5: 12 )، فهذا كان إعلانًا من الرب عن طريقة مواجهة المقاومات الدنيوية بأسلحة روحية. مواجهة البغضة بالمحبة، والآلام بالفرح، والاضطهاد بالتسامح. كان إعلانًا مَلَكيًا للذين وُلِدوا ثانيةً، يُعلن لهم المكافآت السماوية للخدمات الأرضية. فكل الأفكار والأعمال يجب أن يكون رائدها محبة المسيح والتفكير في المجد المستقبل. وعند ذاك يمتلئ القلب من سلام الله ومن الفرح في الرب، وهذا هو سر الهدوء والشجاعة حتى الموت.

ما أروع أن نتأمل في بولس وسيلا وكيف كانا يسبِّحان في وسط السجن والآلام، حاسبين أنه امتياز لهما أنهما حُسبا مُستأهلين أن يُهانا من أجل اسمه! يقول الرسول بولس: «لأن خفَّة ضيقَتنا الوقتية تُنشئ لنا أكثر فأكثر ثقَل مجد أبديًا» ( 2كو 4: 17 ). قارن الخِفة بالثقل، الوقتية بالأبدية، الضيقة بالمجد. ويقول أيضًا: «فإني أحسبُ أن آلامَ الزمان الحاضر لا تُقَاسُ بالمجد العتيد أن يُستعلَن فينا»، فكسيده كان انتظار المجد هو الذي أعطاه هذه الشجاعة وقوة الاحتمال.

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net