الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 30 سبتمبر 2017 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
دموع نفتقر إليها
«جداول مياه جَرَت من عينيَّ، لأنهم لم يحفظوا شريعتك» ( مزمور 119: 136 )
إنه لأمر يدعـو إلى العَجَب أن تجري جداول مياه من عيني انسان! وبحسب المنطق البشري كيف تجري جداول مياه من هذا العضو الصغير، أم أن كاتب المزمور يُبالغ فيما يقول؟ بكل يقين هو لا يُبالـغ، وإلا ما كان الروح القدس يُسجِّل لنا كلماته، وهو أيضًا لا يقصد أن جداول مياه حرفية جرَت من عينيه، الأمر غير المعقول، ولكن الروح القدس قد امتلكه لكي يُعبِّر لنا بأسلوب مجازي عميق عن حزنه الشديد ودموعه الكثيرة على كل مَن لا يحفظ شريعة الرب، وعلى كل مَن لم يُعطها مكانًا في قلبه، مثلما فعل كاتب المزمور إذ يقول: «خبأت كلامك في قلبي لكيلا أُخطئ إليك» (ع١١). ولقد عبَّر عن تقديره وأشواقه لأحكام الرب بالقول: «انسحقت نفسي شوقًا إلى أحكامك في كل حين» (ع٢٠). فلا عَجَب إذًا حينما ينسحق حزنًا على كل مَن يَستخف بكلمة الله.

لقد سار إرميا النبي على نفس الدرب فرفع صرخته المدوية حزنًا على حالة الشعب: «يا ليت رأسي ماءٌ، وعينيَّ ينبوع دموع، فأبكي نهارًا وليلاً قتلى بنت شعبي» ( إر 9: 1 ). فلا عجَب حينما نتفق جميعًا على تسمية هذا الرجل العظيم بـ ”النبي الباكي“.

هذه نماذج لرجال أتقياء كانوا تحت الناموس. ولكن ماذا عنَّا نحن مؤمني زمان النعمة وقد عرفنا ما لم يعرفوه، وامتلكنا مِن البركات الروحية ما لم يمتلكوه؟ وإن كان صاحب المزمور قد انسحق حـزنًا على الذين لم يحفظوا شريعة الرب، التي وُعِد كل مَن يحفظها ببركات أرضية، فما هي مشاعرنا تجاه كل مَن يهمل خلاصًا يَهِبُ، لا ميراثا أرضيًا يفنى، بل ميراثًا أبديًا لا يفنى، الأمر الذي استشعـره بولس الرسول في يومه، فكتب مُعبِّرًا عن حزنه على أنسبائه وأقاربه حسب الجسد، الذين يرفضون المسيح وعمله: «إن لي حزنًا عظيمًا ووجعًا في قلبي لا ينقطع! فإني كنت أوَدُّ لو أكون أنا نفسي محرومًا من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد» ( رو 9: 2 ، 3).  

أين نحن من هذا المستوى؟ ليتنا نتمثَّل بمثالنا الكامل؛ مقدام الباكين على كل البعيدين الرافضين نعمته، الذي عندما نظر إلى المدينة ”أورشليم“ «بكى عليها»، لأنها لم تعرف زمان افتقادها ( لو 19: 41 - 44). وإذ ننظر إليه ونتفرَّس فيه، نتغيَّر إلى تلك الصورة عينها، فنبكي على البعيدين وتاركي وصاياه كما بكى هو.

           حكيم حبيب
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net