الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 8 سبتمبر 2017 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يجلس مُمحصًا
«يُصفيهم كالذهب والفضة» ( ملاخي 3: 3 )
المزمور الذي يدعو المرنم فيه الجميع لأن يقولوا لله: «ما أهيَبَ أعمالكَ» ويدعوهم «هَلُم انظروا أعمالَ اللهِ» مُستعرضًا روعة أعماله مع أحبائه، والذي يبدأ بالهتاف لله ويُختتم بتقديم الذبائح، يتوسطه القول «لأنك جرَّبتنا يا الله. مَحَصتَنَا كمَحصِ الفضة» ( مزمور 66: 10 ). فعمل الله لتنقية أحبائه واحد من أروع أعماله، ومن الأمور التي تستوجب الحمد والسجود له.

والتمحيص، هو مجموعة عمليات تُجرى على المعدن الغفل (المستخرَج من الأرض بشوائبه) لاستخراج معدن عالي النقاء منه. وهذا يتم للمعادن ذات القيمة العالية فقط. ويتم ذلك بإدخال المعدن إلى فرن مرتفع الحرارة حتى قرب درجة الانصهار، ثم يُسحَـب ليُلـقـى في مياه باردة، فتتكثف الشوائب على السطح، وهنا يأتي دور المبَارد أو أحجار الجلخ للتخلُّـص من طبقة الشوائب. تُكرَّر الدورة للحصول على درجة نقاء أعلى.

ويمكننا أن نعتبر الإنسان الطبيعي هو المعدن في بطن الأرض، هو من التراب، مدفون في الأرض، وهي حالة الموت. أما المؤمن فهو معدن خـام استُخرِج من بطن الأرض، أُقيم من بين الأموات. وإذ يجتاز عملية التمحيص لتنقية الشوائب، منتجات الجسد البغيصة، يظهر معدنه النفيس، ويظهر فيه الروحي بجماله.

والنيران هنا قد تكون كقول المرنم عينه «أدخلتنَا إلى الشَّبكَة (ظروف فاجأتنا دون توقع؛ حوادث أو كوارث). جعلتَ ضغطًا على مُتوننا (أمور مستمرة الضغط كالفقر والظروف المعيشية الضاغطة). ركَّبتَ أُناسًا على رؤوسنا (سوء معاملة أو ظلم)». لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد بل تتكرَّر عملية «دخلنا في النار والماء» أي وقت ظروف صعبة يعقبه ظروف سهلة، فلا استقرار ولا تعوُّد.

لكن لا بد يومًا أن تأتي النتيجة الحتمية «ثمَّ أخرجتنا إلى الخصب»، إلى الإثمار، إظهار حياة المسيح فينا.

يُقال عن الرب: «فيجلس مُمَحِّصًا ومُنقيًا للفضة. فيُنقي بني لاوي ويُصفِّيهم كالذهب والفضة ليكونوا مُقَرِّبين للرب تقدمة بالبر» ( ملا 3: 3 ). حدث أن امرأة تقية زارت يومًا صائغًا يُنقي فضّة. فسألته كيف يعرف أنه وصل للمرحلة المطلوبة من التنقية. أجابها أنه يستمر في دورة التنقية حتى يستطيع أن يرى وجهه على سطح قطعة المعدن. وهكذا يستمر الرب في عملية التنقية حتى يظهر فينا بوجهه الجميل.

عصام خليل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net