الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 18 أكتوبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
شَمْجَرُ والمِنساس
«شَمْجَرُ ... ضَرَبَ مِنَ الفِلِسْطِينِيِّينَ سِتَّ مِئَةِ رَجُلٍ بِمِنسَاسِ البَقَرِ» ( قضاة 3: 31 )
في ”شَمجَر بنُ عَنَاةَ“ الذي ضَرَبَ مِنَ الفِلِسطِينِيِّينَ سِتَّ مِئَةِ رَجُلٍ بِالمِنْسَاسِ الذي كان يرعى به البقر، نرى القلب الراعوي وأهميته في زمن نَدُرَ فيه الرُّعاة والمُرشدين.

إننا لا نقرأ عن ”شَمجَر“ في كل الكتاب سوى مرتين فقط، في قضاة 3: 31، وفي ترنيمة دبورة ( قض 5: 6 ، 7). لقد عاصَر ”شَمْجَر“ فترة عصيبة لشعب الرب، حيث ندَر وجود رعاة ومُرشدين، وأمسَـى الشعب «كَغَنَمٍ لا رَاعِيَ لَهَا»، وبغياب الحُكَّام افتقد الشعب للأمان والطمأنينة، حتى إن الطرق - لقلّة مَن يسير عليها - ”استراحت“، فصارت مهجورة لأنها غير آمنة، واتجَّه عابرو السُبل إلى طرق جانبية. وفي هذا الجو المضطـرب، لا نتعجَّب أن نجد الفلسطينيين يتسلَّطون، بل يستَعبدون شعب الرب. ولكي يَضمنـوا استمرار استعبادهم للشعب نجدهم يحرمونهم من السلاح، حتى قالت دبورة: «هَل كَانَ يُرَى مِجَنٌّ أَو رُمحٌ فِي أَربَعِينَ أَلفًا مِن إِسرَائِيلَ؟» ( قض 5: 8 )، الأمر الذي نفهمه بأكثر وضوح ونحن نقرأ ما فعله الفلسطنيون أيام شاول الملك: «وَلَم يُوجَد صَانِعٌ فِي كُلِّ أَرضِ إِسرَائِيلَ، لأَنَّ الفِلِسطِينِيِّينَ قَالُوا: لِئَلا يَعمَلَ العِبرَانِيُّونَ سَيفًا أَو رُمحًا» ( 1صم 13: 19 )، حتى وصل الأمر أنه لم يوجد بين جميع الشعب سوى سيفين بيد كلٍّ من شاول الملك وابنه يوناثان ( 1صم 13: 22 )!

وإذ تخاذَل الحكام وتقاعَسوا، بادرَت دبورة، رغم أنها امرأة، لتملأ هذا الفراغ، ليس كقاضية وحاكمة تُمارس سلطانًا، بل كأُم تعرف كيف تحنو وتشفق على قطيع الرب. لقد أدركت أنهم في هذا الوضع يحتاجون لمشاعر وعواطف الأُم، تلك التي كانت للرسول بولس، فقال لمؤمني تسالونيكي: «كُنَّا مُتَرَفِّقِينَ فِي وَسَطِكُم كَمَا تُرَبِّي المُرْضِعَةُ أَولاَدَهَا، هَكَذَا إِذْ كُنَّا حَانِّينَ إِلَيكُم» ( 1تس 2: 7 ، 8).

إذًا يمكننا القول: إن الشعب هنا كان يفتقر إلى أمرين، الصنَّاع الذين يمدُّونهم بالسلاح، والحُكَّام الذين يوفرون لهم الأمان. أو يمكنني القول: إنهم يحتاجون مَن يُفصِّلون لهم كلمة الحق بالاستقامة، فيمدُّونهم بسيف الروح الذي هو كلمة الله ( أف 6: 17 )، كما يحتاجون إلى الراعي الذي يعرف أحوالهم، ويعرف أن يكون مُترفِّقًا بهم، مُشفقًا عليهم.

وأمام هذا الاحتياج يبرز أمامنا رَجُل بسيط يُشفق على قطيع الرب ويتصدَّى للفلسطينيين. ومن استخدامه لِمِنسَاسِ بقر نفهم أنه كان يعمل راعيًّا، وبهذه الأداة البسيطة ضرب 600 فلسطيني! وهكذا يُكتَب عنه «وَهُوَ أَيضًا خَلَّصَ إِسرَائِيلَ» (3: 31).

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net