الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 1 ديسمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أكل ذبيحة الخطية
«أَخطَأنـا ... أَنـا وَبَيتُ أَبي قَد أَخطَأنـا. لَقَد أَفسَدْنا أَمَامَكَ، وَلَم نحفَظِ الوَصَايَا» ( نحميا 1: 6 ، 7)
بعدما سمع نحميا عن الحالة الصعبة والمُحزنة لشعب الله في أورشليم ( نح 1: 3 )، تصـرَّف كرجل الله الروحي: «فَلَمَّا سَمِعتُ هَذا الكَلاَمَ جَلَستُ وَبَكَيتُ وَنُحْتُ أَيَّامًا، وَصُمتُ وَصَلَّيتُ أَمَامَ إِلَهِ السَّمَاءِ» (ع4). لقد انكسر نحميا أمام الله، مُتذلِّلاً شاعرًا بحالة الخزي والعار التي وصل إليها الشعب. شعر بعجزه أمام شر الشعب العظيم، فانحدرَت دموعه حزنًا على شعبه، مُتضـرِّعًا بالصوم والصلاة، ليتنازل الرب بنعمته ورحمته على شعبه.

بعد ذلك يعترف نحميا بخطأ الشعب مُتحِدًا نفسه معهم فيقول: «أَخطَأْنَا ... أَنَا وَبَيتُ أَبِي قَد أَخطَأنَا» (ع6)، بل يضع نفسه قبل الشعب، وهو بذلك - بروح سفر اللاويين - يأكل ذبيحة خطية إخوته ( لا 6: 25 -30)، مُتشبهًا بكلٍ من عزرا (عز9)، ودانيال (دا9).

وكم أن هذا الأمر؛ الأكل من ذبيحة الخطية، مُقدَّرًا جدًا عند الرب، حتى إنه يُطلق عليه ”قُدْسُ أَقدَاسٍ“! أن أشعر بحالة إخوتي، أن أقترب من نفسيَّاتهم ومشاعرهم، أن أمسك بأيديهم وأنهَض بهم، هذا عمل راقٍ وسامٍ، يُقدِّره الرب.

لقد كان الأكل من ذبيحة الخطية قاصرًا على ”الكهنة الذكور فقط“، والذين يُكلِّموننا عن ”النضوج والوعي الروحي“، والذي يُسمِّيهم الرسول بولس ”الرُّوحَانيِّون“ ( غل 6: 1 )، وكان عليهم أن يأكلوه في ”مَكَانٍ مُقَدَّسٍ“، الأمر الذي يتطلَّب حالة من الطهارة والقداسة. فأن أتعامل مع نقائص إخوتي وضعفاتهم، هذا يتطلَّب حالة من النضوج والتمييز الروحي، وأن أكون بلا لوم. غير أن هارون أوضح لنا شرطًا ثالثًا في غاية الأهمية، وهي الحالة الروحية والنفسية التي يجب أن يكون عليها مَن يأكل من ذبيحة خطية إخوته، فعندما ماتا ابنيه ”نَادَابُ وَأَبِيهُو“ تحت قضاء الله عندما قدَّما ”نارًا غريبة“، لم يستطع هو وابنيه الآخرين ”أَلِعَازَارَ وَإِيثَامَارَ“ أن يأكلوا من ذبيحة الخطية، بل أحرقوها بالنار، الأمر الذي استاء منه موسى في البداءة، غير أنه بعد أن عرف بواعث هارون، وأنه لا هو ولا ابناه الباقيان في حالة روحية أو نفسية تسمح لهم بأن يأكلوا من ذبيحة الخطية، حَسُنَ في عيني موسى تصرُّف هارون هذا ( لا 10: 16 -20).

يا ليتنا ندرك هذا جيدًا، ونحن نتعامل بعضنا مع بعض، فلا ترتفع قلوبنا على إخوتنا، بل نحسب بعضنا البعض أفضل من أنفسهم، ونعلم أن ليس أحد معصومًا، بل كلنا في الموازين إلى فوق.

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net