الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 30 نوفمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الثقة في الرب
«فِي مَخافَـةِ الرَّبِّ ثِقَـةٌ شَدِيدَةٌ، وَيَكُونُ لِبَنِيهِ مَلجَـأٌ» ( أمثال 14: 26 )
كم مرة نُظهر خوفنا من الظروف! ونحن نستطيع أن نُدرك بقلوبنا سهولة الوقوع في هذا الضعف، وعندما نظن أن الله تخلَّى عن مواعيده، أو ننسـى قدرة الله على حماية شعبه. وعندما يتحوَّل نظرنا عن الله، نفقد مركز توازننا الإلهي ونسقط. فنحن أقوياء ما دمنا مُمسكين بالله شاعرين بضعفنا، ولا شيء يؤذينا طالما كنا سائرين في الطريق التي عيَّنها لنا.

إن ظهورنا بمظهَر عدم الثقة التامة في مواعيد الله وعدم التمسُّك الكُلِّي به، يجلب إهانة على اسمه المبارك، أما إذا سرنا ونحن واثقين بأن كل ينابيعنا هي في الله، حينئذٍ نرتفع فوق العالم بجميع صوره وأشكاله، ولا يوجد شيء يرفع شأن المؤمن أدبيًا نظير الإيمان، لأنه يقوده إلى ما فوق أفكار العالم. وكيف يستطيع أهل العالم - بل المسيحيون العالميون أيضًا - أن يدركوا حياة الإيمان؟ إن ذلك بعيدًا عنهم لأن الينابيع التي يستقي منها الإيمان لا يمكن لهم الوصول إليها لأنهم لا يدركونها، فحياتهم سطحية وهي تتعلَّق بالأمور الحاضرة، وما داموا يستطيعون أن يروا الأساس الذي يَبنون عليه فلهم رجاء ولهم ثقة في الأمور التي تُرى، أما الاعتماد على مواعيد الله غير المنظور، والبناء على أساس الإيمان فلا يدركون له معنى، ولكن رجل الإيمان تجده ساكنًا مُطمئنًا في وسط الظروف الحَرجة التي لا ترى فيها الطبيعة حلاً.

وكثيرًا ما نُعرِّض أنفسنا إلى سخريـة أهل العالم وتوبيخه بسبب تصرفاتنا التي يولّدها تأثير الشك وعدم الإيمان، وهكذا الحال دائمًا، إذ لا يرفع شأن الإنسان ويُكرمه في سيرته سوى الإيمان. نعم إننا في بعض الأحيان نرى أُناسًا بحسب الطبيعة مُستقيمي السيرة ومَحمودي السير، ولكن هذه الأخلاق لا يُركَـن عليها لأن الأساس الذي تستند عليه واهن، والبناء مُهدَّد بالسقوط في كل لحظة، أما الإيمان فهو وحده الذي يُكسب الإنسان كرامة صحيحة لأنه يُقرن النفس بقوة الله الحي، وهذا هو أساس الآداب الصحيحة. والأمر الغريب أن الإنسان الذي يختاره الله بنعمته لكي يكون مرموقًا بعين رعايته متى حادَ عن طريق الإيمان ينحط أكثر من بقية الناس أدبيًا!

مَن ذا الذي يمّس مُختاري الله بأذى أو إهانة ما داموا في حراسته وحِماه؟ يا ليت القدير يَهبنا قوة لنتمسَّك به وننظر إليه في كل حين عالمين أنه سائر معنا كل الأيام إلى انقضاء الدهـر.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net