الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 6 ديسمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
ابنكَ وحيدكَ
«خذِ ابْنكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تحِبُّهُ، إِسحَاقَ ... وَأَصعِدْهُ ... مُحْرَقَةً» ( تكوين 22: 2 )
لقد أشفق علينا كاتب الوحي المقدَّس وأعفانا من رسم صورة تفصيلية للصـراع المُضني المرير الذي جاز فيه هذا الرجل المُتقدِّم في الأيام. ولكن التخيُّل البشـري الوقور المُقدَّس يستطيع أن يتصوَّر القامة المُنحنية لهذا الرجل المُتقدِّم في الأيام وهو تحت نجوم السماء ليلاً يُصارع بلجاجة وبكاء وصراخ مع الله. وأعتقد أننا لن نُقابل ضراوة وألم هذا الصـراع مرةً أخرى إلى أن نأتي إلى مَن هو أعظم من إبراهيم، ونجده يُصارع في جثسيماني.

لماذا لم يسمح الله لإبراهيم المُسن بأن يموت قبل أن يأتِ هذا اليوم؟ لكان هذا الأمر أكثر سهولة عليه ألف مرة من هذه التجربة. لقد كان إبراهيم رجلاً عجوزًا، ولا يُعتَبر موته خسارة كبيرة لرجل سار مع الله كل حياته. فإذا سُمح له بأن يموت ويبقى ابنه حيًا، لكان هذا فرحٌ يلّذ له بأن ترى عيناه المُتقدمة في الأيام، ابنه قوي البنية والذي سيعيش ليستكمل نسل إبراهيم ويُحقق وعود الله التي أُعطيت في أور الكلدانيين.

كيف يتسنَّى له أن يُقدِّم الصبي ذبيحة؟ حتى وإن استطاع أن يحصل على موافقة قلبه المُحتج الجريح، فكيف له أن يوفق بين هذا الفعل وبين الوعد الإلهي «بِإِسحَاقَ يُدعَى لَكَ نَسلٌ» ( تك 21: 12 )؛ هنا نجد امتحان إبراهيم بالنار، إلا أنه لم يفشل أو ينهار وسط هذه البوتقة؛ ففي منتصف الليل، والنجوم ما زالت ساطعة في السماء فوق الضيعة التي اضطجع فيها الغلام إسحاق، وقبل أن يبزغ الفجر من المَشـرق، نجد هذا الرجل القديس وقد أخذ قراره: إنه سيُقدِّم ابنه وحيده مُحرقة، كما أمره الله أن يفعل، ثم يُصدِّق في الله بأنه قادر على أن يُقيم الغلام من الأموات.

إن إيمان إبراهيم بقيامة إسحاق من الأموات كان هو المخرَج الإيماني الذي وجده قلبه المُتألم «إِذ حَسِبَ أَنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى الإِقَامَةِ مِنَ الأَموَاتِ أَيضًا» ( عب 11: 19 ).

وبكَّر إبراهيم صباحًا ليُنفِّذ كلام الله. إنه جميل ورائع أن نرى إبراهيم يًبكر صباحًا للقيام بالمُهمَّة. وحتى إن لم يفهم بالضبط ما سوف يفعله الله بإسحاق، وكيف سيُحقق الوعد لإبراهيم، إلا أنه استطاع أن يفهم السر الكامن في قلب الله المُحبّ ومقاصده. والعهد الجديد يُقدِّم لنا المفهوم الكتابي لِما حدث مع إبراهيم «مَن يُهلِكُ نَفسَهُ مِنْ أَجلِي يَجِدُهَا» ( مت 16: 25 ). فهل نحن مُستعدون لتضحية عظيمة مثل هذه؟!

أ. و. توزر
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net