الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 7 ديسمبر 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أمسكتَ بيَدي
«وَلَكِني دَائِمًا مَعَكَ. أَمسَكتَ بِيَدِي اليُمْنى» ( مزمور 73: 23 )
إن الذي يتسلَّط على الرياح العاتية فيُبكمها، وعلى الأمواج الصاخبــة فيُسكتها، ويتحكَّم في الأفلاك وفي جُند السماء، وفي مصائر البشـر، هو الرب يسوع فادينا القدير المُمسك بزمام حياتنا، هو الذي مات لكي يجعلنا خاصته. وهو حي في السماء لحفظ ورعاية خاصته. جيد إذن أن نتيقن أن الرب يسوع الكائن على الكل إلهًا مباركًا إلى الأبد بموته على الصليب قد ضمَن لنا خلاصًا أبديًا كخطاة، وبوجوده عن يمين الآب كشفيعنا ضمَـن لنا الخلاص إلى التمام كقديسين.

وجديرٌ بنا أن نلاحظ بدقة الفارق بين إمساك الفادي بنا، وإمساكنا نحن به. إن إمساكه بنا يضمَن لنا أمنًا وسلامًا، في حين إمساكنا نحن به جوهري لتمتُعنا بالشركة معه. إن في إمساكنا به سعادتنا، بينما في إمساكه بنا طمأنينتنا. إن ضماننا الأبدي بين يديه القديرتين، وبين يدي الآب كذلك ( يو 10: 28 ، 29).

إن بطرس المُوشك على الغرَق لم يحظَ بالنجاة بسبب ”إمساكه“ بالرب، لكن لأن الرب يسوع مدَّ يده وأمسكَهُ ( مت 14: 28 -31). لم يمسك بطرس بيد سيده المُنقذة، بل يد المحبة هي التي أمسكته ورفعته وأنقذته. إلا أنه من جهة أخرى، نحن في حاجة ماسة إلى الحرص الدائم واليقظة في جهادنا حتى المُنتهى، كما ينبغي علينا أن نسعى السعي المتواصل لكي تكون لنا الحياة المقدسة السامية التي لا تتوفر إلا بشركتنا مع الله.

ولكن بينما مُثابرة القديسين في سلوكهم اليومي، وتمثُّلهم الأدبي بالمسيح ليس بحاجة إلى مزيد من التحريض، إلا أنه ليست مُثابرتهم بل المسيح هو الضامن لطمأنينتهم وأمنهم الأبدي «إِنِّي أَنَا حَيٌّ، فَأَنتُم سَتَحيَونَ» ( يو 14: 19 ). لو أن وصولنا إلى السماء رَهين بتمسُّكنا، أ تظنون أن مفديًا واحدًا يمكن أن يصل إلى منازل المجد؟ كلا، ما كان ذلك ميسورًا. والمؤمنون جميعهم مُتساوون في الخلاص، في حين أنهم ليسوا سواسية في بهجتهم. إن صلواتنا وتمسُّكنا أمران جوهريان للتمتع بالشـركة مع المسيح، فلو أننا عشنا في القُرب منه، وأكثَرنا الجلوس عند قدميه في محضره، لغُمِرَ سبيلنا بضياء مُستديم.

إن سلامتنا الأبدية إنما هي مسؤولية الراعي وحده، إنها لا تقع على عاتق الخراف، لأنه ما أقوى منكبيه! وما أعظم تلك المحبة التي تطلب وتُخلِّص وتحفظ، وفي الختام تُقدِّم المؤمن بلا عيب في الابتهاج (يه 24)! لذلك يجدر بنا أن نُميِّز بدقة بين الشـركة والسلامة الأبدية، فالأولى تتوقف على تمسُّكنا به، والأخيرة تتوقف على إمساكه بنا.

كاتب غير معروف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net