الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 16 فبراير 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
التأديب الأبوي
«كُلَّ تأدِيبٍ ... أَخِـيرًا ... يُعْطِي الذِينَ يَتدَرَّبونَ بـهِ ثمَرَ برٍ لِلسَّلامِ» ( عبرانيين 12: 11 )
كلمة ”تأديب“ في اللغة اليونانية تعني ”التعليم والتدريب، التهذيب والتصحيح“. هذه هي معاني الكلمة، التي لا نرى فيها معنى العقاب، بل هي مدرسة الله التي يشترك فيها جميع المؤمنين عبر العصور، في كل زمان ومكان، إذ صار جميع المؤمنين شركاء في هذا التأديب (عب12).

مما لا شك فيه أنه لا يوجد تأديب بلا فائدة أو نتيجة. والنتيجة التي يضعها الروح القدس أمامنا، هي هذه العبارة «أَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ» ( عب 12: 11 ). فالقول «أَمَّا أَخِيرًا» يُرينا أن الذي يُحدِّد نهاية التدريب، هو الرب نفسه. ونهاية الدرس تتحدَّد بظهور الثمر، وأما الثمر هنا فهو «ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ». وهنا نرى تصويرًا بديعًا: فالبر عبارة عن شجرة، وقد أتت بثمر، وهذا الثمر ”هو السَّلام“. لكن ما الذي يمكن أن نراه في كلمة ”بِـرّ“؟

إن الكلمة ”بِرّ“ يمكن أن نراها من زاويتين مختلفتين:

الأولى: هو ما يعرفه الكثيرون منا، وهو تعبير عن حياة الاستقامة في كل جوانب الحياة العملية، وهذا المعنى، أو المفهوم عن البِرّ، لا بد أن يكون له ثمرة طبيعية، وهي «السَّلام»؛ أي تمتع النفس العميق بالسكينة والهدوء الداخلي، والصفاء الذهنـي إزاء كل الموجات المُتلاحقة من المُكدرات التي يقذفها العالم أو الشيطان تجاهنا، ممَّا يُضفي قوة للحياة الروحية برسوخ ذلك السلام الإلهي في قلوبنا.

الثانية: يمكننا أن نفهم كلمة ”بِرّ“ في ضوء القرينة التي يتحدَّث عنها الكاتب في الأصحاح - فتأتي بمعنى الإيمان، أو حياة الإيمان والجهاد والمُثابرة التي احتاجها هؤلاء العبرانيين في مواجهة الاضطهادات والآلام ( عب 10: 32 - 36؛ 11: 36-39). إذًا، فقد كانوا في حاجة، وهم في هذه الأجواء، إلى الوصول إلى نقطة التمتع بالسلام الكامل في مثل هذه الظروف، وعليه يكون البِرّ هنا هو الإيمان الواثق في الرب، والذي يستمد من الرب القوة والمؤازرة.

إذًا فثمرة هذه التأديبات الإلهية، هي حياة السلام الذي لا يتزعزع صاحبَـهُ في ظل هذه الظروف، وليس معنى ذلك عدم الشعور بما يواجهنا، أو عدم إدراكنا لِما نجتاز فيه، بل هو ثبات القلب في المسيح، وعدم انكسار سفينة سلامنا، إزاء أصوات الأمواج المُرعبة.

جوزيف وسلي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net