الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 15 فبراير 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
بَرزِلاَّيُ الجِلْعَادِيُّ
«هُوَ عَالَ الـمَلِك عِندَ إِقامَتِهِ فِي مَحَنايِمَ لأَنهُ كَانَ رَجُلاً عَظِيمًا جـدًّا» ( 2صموئيل 19: 32 )
كان شيخًا عملت فيه الأيام، من حقه أن يجد لجسده راحة، وفي ذات الوقت كان رجلاً عظيمًا جدًا؛ ذا جاه ومركز، لكن لا شيخوخته منعته، ولا مركزه عطَّله عن أن يَعول داود وهو في مَحنايم. لقد استخدم كل ما كان له فقدَّم لداود بسِعَة، الغالي مع الرخيص، دون أن يُطلب منه أو يُلزمه أحد ( 2صم 17: 27 -29)، إذ كان يرى فيه مسيح الرب وحبيب القلب. ومرَّت الأيام، وعاد إلى مُلكِه مَنْ مَسَحَهُ الله. وابتغي داود أن يُكافئ مَن عاله في محنتهِ. هنا ظهر المعدن الأصيل، ورِفعة النفس، هنا تجلَّت المحبة التي تبغي أن تعطي دون أن تنتظر مقابل! لنفحـص قلوبنا ودوافعنا: هل ما نُقدّمه للرب ينتظر مقابل؟! هل نُكرمه ليُعطينا أو ليحمينا، فإذا كان ذلك انكشف ما في قلوبنا؟! يا ليت لنا تلك المحبة التي كانت لبرزلاي! تلك المحبة التي لها أن تُرنّم: إني أحب الرب لا لكي أربح ... ولا لكي أنجو ... لكن أُحبهُ لأن حبُهُ لي يحلو.

لقد اكتشف برزلاي حقيقة الأشياء، فالأكل والشرب، وأصوات الطرَب والمسرَّات، ما عادت تغريه ... يكفيه داود. ثم كم من الأيام بقي له حتى يسعى ويُدبر ويُخطط ويطمع؟ سؤال حري بنا أن نسأله لأنفسنا في انتظار لقاء سيدنا.

على أن برزلاي كانت له طلبة واحدة «هُوَذَا عَبْدُكَ كِمْهَامُ (في الغالب هو ابن برزلاي) يَعْبُرُ مَعَ سَيِّدِي الْمَلِكِ، فَافْعَلْ لَهُ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ (عيني داود)». واسمع رد داود: «إِنَّ كِمْهَامَ يَعْبُرُ مَعِي فَأَفْعَلُ لَهُ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ (عيني برزلاي)». لقد استودع برزلاي كَمهام لمشيئة داود، فأخبره داود أن المحبة جعلت مشيئتيهما تتحدان. وبالمحبة يتَّحد القلب بالرب، وتتأصل النفس في الشركة، فيكون الفكر فكر المسيح، عندئذٍ تكون لنا الطِلبات التي نطلبها.

وذاك الذي لم يبغِ شيئًا في محبته، يُخبره داود بأنه «كُلُّ مَا تَتَمَنَّاهُ مِنِّي أَفْعَلُهُ لَكَ»، وليس فقط ”كل ما تطلبه“! بل ولقد امتد مفعول ذلك الإكرام طويلاً، إذ أوصى ابنه سليمان: «وَافْعَلْ مَعْرُوفًا لِبَنِي بَرْزِلاَّيَ .. فَيَكُونُوا بَيْنَ الآكِلِينَ عَلَى مَائِدَتِكَ، لأَنَّهُمْ تَقَدَّمُوا إِلَيَّ عِنْدَ هَرَبِي مِن وَجْهِ أَبْشَالُومَ أَخِيكَ» ( 1مل 2: 7 ). والله لا ينسـى أبدًا ”تعب المحبة“، بل ينظر إليه بعين الاعتبار هنا وفي الأبدية. فما أعظم جوده لمُحبيه!

ليس لي خلٌ سواهُ إنني أبغي رضاهْ
حبُهُ أقصـى مُرادي ليس لي خلٌ سواهْ

عصام خليل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net