الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 4 فبراير 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الإنسانُ الثاني
«الإنسَانُ الثـانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ» ( 1كورنثوس 15: 47 )
”الإِنْسَانُ الثَّانِي“ ... هذا التعبير له دلالته المُختصة بربنا يسوع المسيح، بسبب ما يتضمَّنَهُ من معانٍ عظيمة تُضفي وميضًا من قوة الحق على إنسانيته الفريدة، والتي تَحوي أسرارًا بالغة، وأخبارًا باهرة، فما من كلمة جاءت عنه إلا وفيها من المعاني ما يفوق الوصف والبيان، وما يسمو فوق إدراك الإنسان. ولا نجد في البشائر ما يُماثل هذا التعبير سوى ما قاله الرب نفسه: «وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ، إِلاَّ الَّذِي نَزلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ» ( يو 3: 13 ).

إن الإنسان الثاني ليس نسخة مُعدَّلَة من الإنسان الأول، حاشا وكلا، بل هو طبعة مختلفة تمام الاختلاف. فبينما مصدر الإنسان الأول التراب والأرض، حتى في براءته، نرى الثاني سماوي، أ لم يَقُل عنه الملاك للمُطوَّبة مريم: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذَلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ» ( لو 1: 35 ). وقال هو عن نفسه لله «هَيَّأْتَ لِي جَسَدًا» ( عب 10: 5 ). لقد جاء بطبيعة لا يُدانيها الشـر ( 2كو 5: 21 )، ولا تُدركها ظلمة ( يو 1: 5 )، ولا يَعتريها فساد ( مز 16: 10 )؛ فدخوله إلى عالمنا عذراوي فريد، وخروجه نوراني مجيد، وهو الآن في أعلى السما رأس لجنس جديد.

على أنه، كان في كل سَعيه هنا، الإنسان بحسب المقياس الإلهي، والفكر والقصد الأزلي، وهو في طبيعته هذه، مع أنه كان مشتركًا معنا في اللحم والدم من حيث الهيئة الخارجية المادية ( عب 2: 14 )، إلا أنه كان يحمل كيانًا روحيًا غير مُشوَّه نظيرنا، بل قدوس، وغير قابل للتشوُّه نظير آدم قبل السقوط، كيانًا يحلُّ فيه كل الملء بمنتهى السرور والغبطة ( كو 1: 19 ).

حقًا كم هو عظيم سر التقوى أن الله ظهر في الجسد! ( 1تي 3: 16 ). وإن كان باللحم والدم صار نسل المرأة ( تك 3: 15 )، لكنه هو ”يرى نسلًا“، وأيضًا ”تَطول أيامه“ ( إش 53: 10 ). وإن كان بأحقيَّتهِ للبركة صار نسل ابراهيم ( غل 3: 16 )، إلا إنه كائن قبل إبراهيم ( يو 8: 58 )، وهو الذي يُمسك (ينقذ ويقود) نسل إبراهيم ( عب 2: 16 ). وإن كان بأحقيَّتهِ للعرش والسُلطة صار نسل داود ( لو 1: 32 )، إلا أنه هو أصل داود ( رؤ 22: 16 )، ورب داود ( مت 22: 43 ). هذا هو الإنسان الثاني في طبيعته، فما أمجده!

خالد فيلبس
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net