ألزَم الرب حزقيال بالذهـاب ”إِلى الْمَسْبِيِّينَ“ الساكنين عند ”نَهْرِ خَابُورَ“، لكي يُنذرهم كرقيب للرجوع عن شرورهم «إِنْ سَمِعُوا وَإِنِ امْتنعُوا» ( حز 3: 11 ). وهذه كانت مُهمة شاقة بالنسبة له، لأنهم شعب مُتمرِّد! فكان لزامًا على حزقيال أن يَتْحد نفسه بهم، فكلمة ”خَابُور“ تعني ”مُتحد“ أو ”ارتباط“. فإن أردنا أن يستخدمنا الرب في رد المَسْبِيِّينَ روحيًا، خطاة كانوا أم مؤمنين، فعلينا أن نَصل إليهم، نُشاركهم ظروفهم ونحمل أثقالهم.
إن الرب يسوع هو النموذج الأمثل في هذا الأمر، فقد أعلن أنه مُسح ليُنادي «لِلْمَسْبِيِّينَ بِالْعِتْقِ، وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ» ( إش 61: 1 ( لو 3: 21 )، لهذا فقد أتحَد نفسه بهم، فنقرأ: «وَلَمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضًا» (لو3: 21).
وكان حزقيال يحتاج إلى تدعيم إلهي، وكذلك نحن أيضًا، لتتميم هذا الأمر؛ الذهاب إلى المَسْبِيِّينَ وافتقادهم. لهذا نجد في أصحاح 3 من سِفره عدَّة تشجيعات:
(1) كلمة الرب: «يَا ابْنَ آدَمَ ... كُلْ هَذَا الدَّرْجَ، وَاذْهَبْ كَلِّمْ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ ... كَلِّمْهُمْ بِكَلاَمِي» ( حز 3: 1 -4). كان على حزقيال قبل تبليغ الآخرين بكلمة الله، أن يتغذى هو أولاً بها، وأن تصبح جزءًا من كيانه، فتؤثر في السامعين.
(2) روح الرب: «ثُمَّ حَمَلَنِي رُوحٌ ... فَحَمَلَنِي الرُّوحُ وَأَخَذَنِي ... فَدَخَلَ فِيَّ رُوحٌ وَأَقَامَنِي عَلَى قَدَمَيَّ» (ع10: 12، 24). والروح القدس هو المُرشد والقائد لنا في خدمتنا. فهل نُخضِع ذواتنا له؟
(3) مجد الرب: «فَسَمِعْتُ خَلْفِي صَوْتَ رَعْدٍ (زلزلة) عَظِيمٍ: مُبَارَكٌ مَجْدُ الرَّبِّ مِنْ مَكَانِهِ» (ع12). لقد أظهر الرب مجده لحزقيال، لكي يُشجعه قبل الذهاب إلى الشعب المُتمرِّد، وكأنه يقول له: ”لا تخف يا حزقيال، فإن لم يقبلوا كلمتي، فإني سوف أتمجَّد بطريقتي“.
(4) يد الرب: «وَيَدُ الرَّبِّ كَانَتْ شَدِيدَةً عَلَيَّ ... وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَيَّ هُنَاكَ» (ع14، 22). لقد احتاج حزقيال لتعضيد يد الرب له، وكأنه يطلب: «لَيْتَكَ تُبَارِكُنِي ... وَتَكُونُ يَدُكَ مَعِي» ( 1أخ 4: 10 ). وهذا ما اختبره الرِجَال «الَّذِينَ لَمَّا دَخَلُوا أَنْطَاكِيَةَ كَانُوا يُخَاطِبُونَ الْيُونَانِيِّينَ مُبَشِّرِينَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ. وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ مَعَهُمْ، فَآمَنَ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَرَجَعُوا إِلَى الرَّبِّ» ( أعمال 11: 20 ، 21).
أطاع حزقيال دعوة الرب وذهب إلى الْمَسْبِيِّينَ، فماذا عني وعنك؟ هل لبَّينا الدعوة؟