الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 6 فبراير 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
جاءوا إلى مارَّة
«سَارُوا ثلاثةَ أَيَّامٍ فِي البَرِيَّةِ وَلَمْ يَجدُوا مَاءً. فَجَاءُوا إِلى مَارَّة» ( خروج 15: 22 ، 23)
ذلك الشعب المُفتدى حديثًا، كان تحت سيادة الرب نفسه وقيادته، ولو لم تكن لهم دراية عملية بذلك. كان يعدّهم ليكونوا مَسكنًا له، غير أن قلَّة ضئيلة هي التي عرفت أبعاد تلك النعمة؛ بقية لها رؤى الإيمان. ومن تلك اللحظة أصبح الله ملجأهم الوحيد دون سواه، فما كان للبرية أن تُهيئ لهم موردًا وملجأ. ولثلاثة أيام بحثوا عن الماء، جابَ فتيانهم أرض البرية طولاً وعرضًا، غير أن البرية لم تتنكَّر لطبيعتها «لَمْ يَجِدُوا مَاءً».

لم يصرخوا صرخة الحاجة في أُذني ذاك الذي سبق أن غنوا له قائلين: «هَذَا إِلَهِي فَأُمَجِّدُهُ». يوم ذاك كانت لهم الحناجر القوية وهم يرنمون، لكن قوة الحناجر لن تقوم بديلاً عن نشاط الإيمان. إن معرفة الرب كموردنا الوحيد في هذه البرية معناها السير في «جِدَّةِ الحَيَاةِ».

«فَجَاءُوا إِلَى مَارَّةَ». لقد كانوا «فِي السَّحَابَةِ وَفِي الْبَحْرِ» رمز الموت والقيامة. ونجد هذا الرمز عينه في الثلاثة الأيام التي لم يكن فيها ماء، أمَّا وقد جاءوا إلى مارة فقد اتضح أن وسائلهم للحصول على الحياة والانتعاش من البرية غير مُجدية. وهنا وجدوا أن مرارة ذلك المستنقع الملحي تُناقض الوعد بالإنعاش الذي طالما انتظروه. فكان تذمُّرهـم بمثابة زوبعة مُخيفة في وجه موسى، إذ وجدوا أن قيمة قيادته الماضية بغير حساب في نظرهم، قياسًا إلى موقفهم التعس يومئذٍ.

لكن موسى لم يُظهر بادرة ما من بوادر الغضب، وإن صبره ووداعته يُعيدان إلى الذهن ذكرى ذاك «الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضًا، وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ» ( 1بط 2: 23 ). وكل الذي نقرأه أن موسى «صَرَخَ إِلَى الرَّبِّ. فَأَرَاهُ الرَّبُّ شَجَرَةً».

ولم يكن ذلك اكتشافًا بمحض الصدفة، ولا كان مُحصلة مقدرة بشرية. فإننا إذا شئنا أن نُعطي القيمة الصحيحة لموت المسيح وسط مرارة ينابيع هذا العالم، فينبغي أن يكون ذلك في وداعة نظير وداعة موسى ( عد 12: 3 )، كما في قوة الإيمان التي تأتي إلى عرش النعمة بكل ما نلاقيه في طريق البرية من مارة. وهكذا كشف الرب لموسى وأراه شجرة، يطرحها في المياه! «فَطَرَحَهَا فِي الْمَاءِ فَصَارَ الْمَاءُ عَذْبًا». كانت الشجرة على مقربة منه، لتكون الترياق لكل مرارة مارة، ولو أن ذلك كان يعني أن موت المسيح هو الذي بدونه لا يمكن امتصاص المرارة وإزالتها ومُلاشاتها.

ف. و. جرانت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net