الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 5 مارس 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الفرحَانُ ببَليَّة
«الفَرْحَانُ ببَليَّةٍ لاَ يَتبَرَّأُ» ( أمثال 17: 5 )
تحذير يبدو لأول وهلَة غريب، إذ كيف يفرح أحد ببليَّة؟ الكلمتان مُتنافرتان. معنى الأولى بحسب الأصل العبري: ”فرحان، مُبتهج، سعيد“، والثانية: ”مصيبة، كارثة، ضيق، حزن“، فكيف تتَّفق الكلمتان؟! في الواقع تتَّفق الكلمتان تمامًا مع قلب الإنسان ”النجيس“؛ قلب يهوى الشماتة، يستمتع بمصائب الغير، يشفي غليله ويتلذَّذ بضيق أعدائه، بل وأحيانًا إخوته! لذلك لزم التحذير من هذا الفرح. لكن تُعلن باقي الآية إن مثل هذا الشخص ”لاَ يَتَبَرَّأُ“، أي أنه لن يفلت من العقاب، لن يتحرَّر من ذنبه، ويُوقِع الكآبة في نفسه.

لقد فرح أدوم وشمَت ببلية إسرائيل أخيه، الأمر الذي ساءَ في عيني الرب جدًّا، حتى إنه أشار إلى هذا الأمر في أكثر من موضع: «وَلاَ تَشْمَتَ بِبَنِي يَهُوذَا يَوْمَ هَلاَكِهِمْ، وَلاَ تَفْغَرَ فَمَكَ يَوْمَ الضِّيقِ ... كما فَعَلْتَ يُفْعَلُ بِكَ» (عو12- 15)، «اِطْرَبِي وَافْرَحِي يَا بِنْتَ أَدُومَ ... عَلَيْكِ أَيْضًا تَمُرُّ الْكَأْسُ» ( مرا 4: 21 )، «كَمَا فَرِحْتَ عَلَى مِيرَاثِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ خَرِبَ، كَذلِكَ أَفْعَلُ بِك. تَكُونُ خَرَابًا يَا جَبَلَ سَعِيرَ أَنْتَ وَكُلُّ أَدُومَ بِأَجْمَعِهَا، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ» ( حز 35: 15 ).

هنا نرى الرب بنفسه يوبِّخ أدوم، يحمل القضية مَحمَل الجد، بل يُبرهن عن ذاته بأنه هو الرب «فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ»، حين يوقع بأدوم جزاءهم، ويُحقق فيهم ما شمَتوا به، ويؤكد أنهم سيحصدون البلايا التي فرحوا لوقوع أخيهم بها من خراب وضيق. سيشربون من الكأس نفسها.

ليتنا نرهَب، فالرب نفسه يُشرف ويُتمم عقاب الفرحين ببلايا الغير، وخاصةً الفرحين ببلايا إخوتهم!

حذار من هذا الفرح! واسمع صوت الحكمة مُحذِّرة «الْفَرِحِينَ بِفَعْلِ السُّوءِ، الْمُبْتَهِجِينَ بِأَكَاذِيبِ الشَّرِّ» ( أم 2: 14 ). نجِّ نفسك وتبرَّأ منهم قبلما ينطبق عليك القول: ”لاَ يَتَبَرَّأُ“. ولنطلب من الله أن يُغيِّر قلوبنا، فالشماتة ليست خاضعة كُليَّة لإرادتنا، بل هي رغبة قلبنا الشـرير، نابعة من داخلنا. ليت قلوبنا تتشبَّه بقلب داود الذي حزن على موت عدوه شاول الذي اضطهده بلا سبب، طارده وكدَّر حياته، أذاقه طعم التشرُّد. لكن في النهاية نرى داود باكيًا نائحًا على موت شاول، والذي كان عقابًا من الله له ( 2صم 1: 11 ، 12)! حقًّا إنه رجل بحسب قلب الله.

إبراهيم عاطف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net