الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 4 مارس 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
عند صليب يسوع
«وكَانتْ وَاقِفَاتٍ عِندَ صَلِيبِ يَسُوعَ، أُمُّهُ ... وَمَرْيَمُ الـمَجْدَلِيَّةُ» ( يوحنا 19: 25 )
في تلك الساعة الرهيبة لم يَسَع سيدنا المعبود إلا أن يذكر بالحب أُمه الفاضلة ويدبِّر أمرها «فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: يَا امْرَأَةُ هُوَذَا ابْنُكِ. ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: هُوَذَا أُمُّكَ. وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ» ( يو 19: 26 ).

إن كان الرسول يوحنا قد أعلن الرب في إنجيله كالابن الوحيد الذي هو في حضن الآب؛ إن كان قد أعلن لاهوته السرمدي، فهو في الوقت عينه يكشف لنا عن حقيقة ناسوته - تبارك اسمه - وفي المشهد الذي أمامنا يُصوِّر لنا عواطفه الإنسانية من نحو أُمه حتى في ساعة الحزن العميق. والواقع أن النبوَّة التي نطَق بها سمعان البار وهو مُتشرِّف بذلك اللقاء الفريد في الهيكل، وجدت إتمامها عند الصليب، فهناك كان سيف يجوز في نفس أُمه وهي تشهد الآلام المُبرحة لسيدنا المعبود، والكآبة المُوجعة التي أحاطت بنفسه البارة. إذ كان ربنا يسوع يعلم هذا كله، فقد استودعها ليوحنا، الذي – كما يبدو - أخذها من تلك الساعة، وأبعَدها عن مشهد بقية الرحلة، مُشفقًا عليها من لحظات الحزن الشديدة الأخيرة.

وجدير بالملاحظة أن التلميذ الذي حظي بشرف هذه المسؤولية من سيده، هو الشخص الذي كان قريبًا في ذلك الوقت «واقفًا عند الصليب»، وبقدر ما نأخذ حصتنا إلى جانب صليب ربنا يسوع، بهذا القدر تكون لنا حظوة الإسهام في مصالحه – تبارك اسمه - إنه حينئذ يدعونـا أن نحمل رسالة حتى إلى أقصى الأرض. وأمام عالم ساخر ينبغي أن نفرح بأن نُحْسَب مُستأهلين أن نُهان من أجل اسمه، ونحن نشهد بالكلام والعمل لذلك الجدير بأسمى وأفضل شيء.

والصليب ما زال مُحتقرًا، والمُخلِّص الذي صُلِبَ لا زال مرفوضًا، والناس يفضِّلون مُخلِّصًا بغير صليب، وإنجيلاً بغير دم، لكن لا هذا ولا ذاك، إن المسيح الذي كلَّلُوه بالشوك، الذي سخروا به، الذي بصقوا عليه، الذي جلدوه، الذي صلبوه، يسوع الناصري، ابن الله، السرمدي، المُعادل للآب، الخالق، حامل كل الأشياء، ضابط الكل، هو ربنا ومخلِّصنا، «وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ» ( أع 4: 12 ).

بيد أنه أكمل العمل الذي أعطاه إياه الآب، وأُقيم من الأموات بمجد الآب وتمجَّد في السماء برهانًا على قبول عمله الذي أتمه على الأرض، لقد رفَّعه الله كإنسان، ودفع له كل سلطان وكل قوة، وهو الجدير أن نعترف به، ونُكرمه ونُطيعه نحن المؤمنين.

جيمس ستوكر
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net