الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 4 إبريل 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
سعداء هم الجياع!
«طُوبَى لِلجِيَاعِ وَالعِطَاشِ إِلى البـرِّ، لأَنـهُمْ يُشْبَعُونَ» ( متى 5: 6 )
إن الجوع في ذاته يَدُّل على الحياة، فالميت لا يجوع. لذلك طوبى لمَن يجوع ويعطش إلى البر، لأنه حتمًا سيشبع. إن هذا الشخص بدأ يشعر بافتقاره الشخصي إلى البر الذي به يظهر أمام الله. وهو لم يَعُد مُكتفيًا بمظاهـر البر الخارجية، مثل تلك التي كان يفعلها الكتبَة والفريسيون أيام المسيح من ترديد للصلوات، أو ذهاب إلى المجامع، أو امتناع عن بعض الأكلات، أو عمل الخير ... إنه يشعر أن هذا كله خارجي ولا قيمة له على الإطلاق؛ فالمرض أعمق، والضربة في القلب لا في الجلد ... إنه جائع وعطشان إلى البر، ويعلم أن أعمال برّه هي كثوب عدّة بلغة إشعياء النبي ( إش 64: 6 )، أي مجرَّد خرق نجسة لا يمكن أن يظهر بها في حضـرة الله القدوس. أو هي نفاية بلغة الرسول بولس ( في 3: 8 ). والنفايات ليست فقط لا قيمة لها، بل هي أيضًا مُضرّة، وينبغي التخلُّص منها فورًا. أو هي رجس قدام الله كما قال عنها المسيح في لوقا 16: 15 بمعنى أن الله يبغضها وسوف يحاسب عليها ويدينها. لكن لماذا استخدم الرب تشبيه الجوع والعطش هنا؟ توجد على الأقل ثلاثة أسباب:

أولاً: لأن الجوع والعطش إنما يَدُّلان على شعورنا أنه ليس بوِسعنا، بمحاولاتنا الشخصية، الوصول إلى هذا البر، بل هو أمر سنحصل عليه من خارجنا، تمامًا كما يأتينا الطعام والشراب من خارجنا ... إن أولئك الجياع والعطاش إلى البر، هم أولاً المساكين بالروح، أي الذين تيَّقنوا من فقرهم الروحي وعوزهم القلبي.

ثانيًا: لأن الجوع والعطش، ينشئان في النفس رغبة داخلية قوية، وهي رغبة مؤلمة لا تنتهي إلا بالأكل والشرب - إنها طِلبة مُلحّة ومستمرة إلى الطعام والماء، وليست مجرَّد رغبة عابرة. ونبوة إشعياء توضح لنا أن الجائع والعطشان، حتى في نومه، يحلم بالأكل والشرب ( إش 29: 8 ). إن حواس الإنسان كلها، في هذه الحالة، تكون صارخة تطلب الرّي والشبع.

ثالثًا: لأن الجائع العطشان لا يمكنك أن تُقدِّم له بديلاً عما يُرويه أو يُشبعه. إن المال الوفير لن يُرضي الشخص الذي يحس بوطأة الجوع والعطش. إن الجائع والعطشان للبر كأنه يقول للرب: أعطني البر وكفاني، أعطني القداسة وإلا فخُذ نفسي. وإني بهما لغني حتى وإن لم أكن أمتلك شيئًا آخر إلى جوارهما.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net