إن العهد الجديد يعرض لنا حقيقة مجيء الرب من زاويتين. ولعل ما يجتذبنا أكثر هو زاوية ما نسميه الاختطاف. فإن قلوبنا تحنّ إلى اللحظة التي فيها، «الرَّبَّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُـبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهَكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ» ( 1تس 4: 16 ، 17). في هذا نحن نفكر باعتباره نهاية السباق، وباعتباره كذلك الوقت الذي فيه «سَيُغَيِّـرُ (الرب) شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ» ( في 3: 21 )، يوم ”يَلْبَسُ هَذَا الْفَاسِدَ عَدَمَ فَسَادٍ، وَهَذَا الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ“ ( 1كو 15: 53 ). وبصورة كاملة نكون «مُشَابِهِـينَ صُورَةَ ابْنِهِ» ( رو 8: 29 ).
هذا سيكون إتمامًا لوعد الرب قبل أن يمضي «أَنا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَاناً آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا» ( يو 14: 2 ، 3). وتلك ستكون فرصة استقبالنا في بيت الآب.
على أن هذا جميعه وبرغم ما فيه من بركة وغبطة، ومن باعث يُنعش قلوبنا نحن مُنتظريه، فإنه ليس إلا تمهيدًا للأمجاد العتيدة أن تُعلَن في ملكوت ربنا ومخلِّصنا يسوع المسيح الأبدي. فسوف يعود إلى الأرض ذاك الذي رفضته مرة، ويأتي معه قديسوه، في أجساد القيامة يظهرون معه لعيون رافضيه المذهولة، ولبهجة أولئك الذين ينتظرونه كالملك المُنقذ في اليوم الذي يتم فيه القول: «هُوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ» ( رؤ 1: 7 ). هذا هو الوقت الذي سنُظهَر فيه معه في المجد، وإليه يُشير الرسول في 2تسالونيكي 1: 5- 11 حيث يعزي القديسين المتألمين بهذا اليقين، وهو أنه يجازي ضيقًا أولئك الذين يُضايقونهم، أما المفديون فالراحة نصيبهم «عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ الرَّبِّ يَسُوعَ مِنَ السَّمَاءِ مَعَ مَلاَئِكَةِ قُوَّتِهِ».
وإذ يبزغ نهار يوم الرب الذي فيه يظهر لمجدنا معه، بعد ليل الأرض المُظلم الطويل، فإن أولئك الذين كانوا قانعين بأن يكونوا غرباء ونُزلاء على الأرض خلال رفضه ـ تبارك اسمه ـ يومئذٍ يُشرقون معه إذ يأتي ليملك «مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ» ( رؤ 19: 16 ).