الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 27 يونيو 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
حكمة هذا العالم
«الأَمْرُ الَّذِي يَطْلُبُهُ الْمَلِكُ عَسِرٌ، وَلَيْسَ آخرُ يُبَيِّنهُ قُدَّامَ الْمَلِكِ غَيْرَ الآلِهَةِ» ( دانيال 2: 11 )
الأصحاح الثاني من سفر دانيال يُبرهن لنا أن حكمة هذا العالم لا بد تنتهي إلى الفشل. ففي الأجزاء الأولى من هذا الأصحاح (ع١- ١٣)، يُسمَح لنا أن نرى أن الله يعمل خلف المشاهـد المُتغيرة لهذا العالم، ويتحكَّم حتى في أحلام ملك وثني، ويكسر كبرياء الإنسان.

لقد انزعج نبوخذنصر من حُلمه، فطارَ نومه، وخذلَتهُ ذاكرتهُ. وقد كان الكل بسماح من الله لكي يُجبر الملك على معرفة شخصه من خلال استخدام عبده دانيال كأداة لذلك. بالفعل، كان الملك قد سبق ووجد دانيال أحكَم عشـر مرات من كل حكماء بابل. ومع هذا فإنه – ربما كان مُتناسيًا، أو رافضًا لدانيال – فقد تحوَّل إلى السحَرة والمُنجِّمين، الفلاسفة والكلدانيين، طالبًا منهم أن يُخبروه بالحلم الذي نسيه أولا ً قبل تقديم تفسيره. وإذا نجحوا في ذلك فسوف يُكافئون بسخاء، وإذا فشلوا – كما هو مُتوقع – سوف يُقطَّعون إلى قطع، وبيوتهم سوف تتحوَّل إلى مزبلة (ع١- ٦).

ولقد بَدا هذا الطلَب للوهلة الأولى غير منطقي تمامًا. ويُخبر الكلدانيون الملك أنه لا يوجد إنسان يستطيع ذلك، وإنما الآلهه فقط تستطيع، لأن «الأَمْرُ الَّذِي يَطْلُبُهُ الْمَلِكُ عَسِـرٌ، وَلَيْسَ آخَرُ يُبَيِّنُهُ قُدَّامَ الْمَلِكِ غَيْرَ الآلِهَةِ الَّذِينَ لَيْسَتْ سُكْنَاهُمْ مَعَ الْبَشَـرِ» (ع ٧- ١١). ولكن عندما نتذكَّـر - من الجانب الآخر - الادعاءات المُبالَغ فيها من حكماء بابل، فإن طلب الملك لا يبدو فيه هذا الاستبداد والقسوة!!

ومن الواضح، أن الملك لم يكن لديه ثقة في صدق هؤلاء الحكماء «لأَجْلِ ذَلِكَ غَضِبَ الْمَلِكُ وَاغْتَاظَ .. وَأَمَرَ بِإِبَادَةِ كُلِّ حُكَمَاءِ بَابِلَ. فَخَرَجَ الأَمْرُ، وَكَانَ الْحُكَمَاءُ يُقْتَلُونَ» (ع12، 13). فمن المُحتمل أنه كان لديه خلفية جيدة عنهم في قدرتهم على اصطناع كلام الكذب والخطط الفاسدة. أما هم من جانبهم، فقد وُضعوا في هذا المأزق لكي يُجبَروا على الاعتراف بعجزهم التام. ومع ذلك فإن كان اعترافهم بعجزهم لم يُجدِ شيئًا أمام ملك ثائر، فأصدر مرسومًا بإبادة كل حكماء بابل.

يا لها من صورة للعالم!! فالسلطان يطلب طلبات غير معقولة، من مستشارين ليسوا أهلاً للثقة الحقة، فيلجأ للثورة والعنف إذا لم تُستجاب هذه الطلبات في الحال. إن حكمة هذا العالم تظهر أنها إدعاءات تافهة عندما توضع تحت الاختبار، فنجد من جانب الإمبراطور قوة بدون حكمة، ومن الجانب الآخر نجد مَن يتخذ وظيفة الحكيم بدون قوة.

هاملتون سميث
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net