الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 23 يوليو 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الواجبات والمشاعر
« رَوْدَا ... لَمْ تفْتحِ الْبَابَ مِنَ الفَرَحِ، بَلْ رَكَضَتْ إِلَى دَاخِلٍ» ( أعمال 12: 13 ، 14)
اسم ”رَوْدَا“ يعني ”وردة“. ولقد احتفظت هذه الوردة بنضارتها طوال ما يَقرُب من ألفي سنة، ولم تَزل زاهية وفوَّاحة، تنشر عطرها وشذاها. ويا له من نصيب قد حصلت عليه! يا له من صيت خالد وباقٍ! لقد حَظيت ”جَارِيَةٌ اسْمُهَا رَوْدَا“ بشهرة خالدة باقية دون أن تَدري.

ومن قصة ”رَوْدَا“ نحصل على تحذير من إمكانية نسيان مهام واضحة جدًا تحت ضغط إثارة غير متوقعة: «لَمَّا عَرَفَتْ صَوْتَ بُطْرُسَ لَمْ تَفْتَحِ الْبَابَ مِنَ الْفَرَحِ، بَل رَكَضَتْ إِلَى دَاخِلٍ وَأَخْبَرَتْ أَنَّ بُطْرُسَ وَاقِفٌ قُدَّامَ البَابِ»، ولو حدث أن وصل جنود هيرودس إلى الشارع وقتما ركضت هي برسالتها إلى الداخل، لَمَا اندهشت الكنيسة لِما حدث لبطرس، ولَرجع بطرس لسجنه بكل تأكيد. فأول مهَامها كان فتح الباب، وثانيها: أن تذهب وتُخبر الإخوة: ”إن بطرس وصل هنا سالمًا“. لكن في غمرة مشاعر البهجة نَسيت مُهمتها الأولى، وكما نقول طارَ صوابها، وانطلَقت لتُخبرهم أنه موجود بالخارج، بدلاً من أن تُدخله على التو. إن الفرح والحزن كلاهما سيَّان، يمكنهما أن يُعرِّضانا لنسيان المَهَام الواضحة والمُلِحَّة. ونتعلَّم من تلك الحادثة البسيطة النصيحة القديمة بل الضرورية دائمًا: أن نُبقى على المشاعـر تحت السيطرة تمامًا، ونستخدمها كدافع وليس كمُرشد، فلا نسمح للعواطف التي ينبغي أن تكون في الأسفل في حجرة المُحركات أن تصعد إلى سطح السفينة وتُمسك بالدفة، لأنه من الخطر أن نُطاوع المشاعر، إلا إذا كان حكمها مُصادَقًا عليه بالفطنة الروحية الهادئة في نور الوحي الإلهي. فالحزن يُمكنه أن يحجب الأمور بظلمته، والفرح يمكن أن يخفي الحقائق ببريقه، بنفس الطريقة التي يَصعب بها أن نرى الطريق في منتصف الليل، أو منتصف النهار عندما تكون الشمس متوهّجة في أعيننا، وكل منهما يحتاج إلى تحكُّم، أما المسؤولية فتبقى كما هي سواء كان قلبي يخفق كمطرقة، أو كان كطائر مُحلِّق؛ سواء كنت كربًا أو طلقًا، فالباب الذي أوكَلني الله عليه كي أحرسه يجب أن أفتحه وأغلقه أنا. وسواء كنت حارسًا لباب بيت الله كرَوْدَا في بيت مريم، أو لديَّ عملٌ يظنه الناس أكبر وأكثر أهمية، فالضـرورة الموضوعة علىَّ في مُهمتي لا تعتمد مُطلقًا على مشاعري اللحظية، أو ظروفي. فتذكَّـر يا أخي أن واجبي يبقى، في حين تتذبذب المشاعـر. وسواء كنا حزانى أو فَرحين فلنا الإله ذاته لنخدمه، والإكليل ذاته لنربحه.

ألكسندر ماكلارين
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net