الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 23 أغسطس 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يعقوب وروح التسليم
«خذوا أَخاكُمْ ... وَاللهُ القَدِيرُ يُعْطِيكُمْ رَحْمَةً أَمَامَ الرَّجُلِ» ( تكوين 43: 13 ، 14)
ها يعقوب يُواجه مشكلة قد فرضَت نفسها عليه الآن، فَبَنِيه لا يمكن أن ينزلوا إلى مصـر ليشتروا طعامًا، إلا ومعهم بنيامين. وهذا كان آخر ما يمكنه توقعه، فدبَّ صراع في صدره، وتصادَمت مشاعر الأبوَّة فيه مع صرخات الجوع، ولكي يُسكِّن ابنه يهوذا مخاوف أبيه يعقوب، قدَّم عرضًا بأن يكون الضامن لأخيه الأصغر ( تك 43: 8 -10)، فاستسلَم يعقوب لكن دون قدر وفير من التردُّد.

إلا أنه من الجميل ملاحظة الطريقة التى أذعَن بها البطريرك الشيخ للطلب؛ فهو ليس خضوع المُضطر، كمَن خنع لقدر عنيد، وفي قلبه ثورة عارمة ضده. كلا، بل خضع بطريقة تليق برجل الله. وبعد أن رتب إعمال كل وسيلة مُمكنة لاسترضاء سيد مصر، سلَّم القضية برمّتها لله.

وأخيرًا قال يعقوب لبنيه: «خُذُوا أَخَاكُمْ وَقُومُوا ارْجِعُوا إِلَى الرَّجُلِ. وَاللهُ القَدِيرُ يُعْطِيكُمْ رَحْمَةً أمَامَ الرَّجُلِ حَتَّى يُطْلِقَ لَكُمْ أَخَاكُمُ الآخَرَ وَبِنْيَامِينَ. وَأنَا إِذَا عَدِمْتُ الأَوْلاَدَ عَدِمْتُهُمْ» ( تك 43: 13 ، 14).

لاحظ كيف يتحدَّث يعقوب عن الله ”اللهُ القَدِيرُ“ أو ”الله الكافي“. هذا هو الاسم الذي به حصل إبراهيم على البركة ( تك 17: 1 )، وهو الاسم الذي استخدمه إسحاق وهو يُبارك يعقوب «اللهُ القَدِيرُ يُبَارِكُكَ» ( تك 28: 3 ). وهو في استعماله لهذا الاسم هنا، فإن يعقوب يستند على إله العهد والوعد. لذا نرى أن صلاته كانت صلاة إيمان. ولاحظ أيضًا ثقته في قوة الله المُطلَقة، كما نراها في طِلبته أن يُحرِّك الرب الرَّجُل الذي على مصر أن يسمح بإطلاق بَنِيهِ سالمين. أخيرًا تأمل هنا روح التسليم التي أظهرها؛ «وَأَنَا إِذَا عَدِمْتُ الأَوْلاَدَ عَدِمْتُهُمْ».

أ ليس جميلاً أن نتتبع العاقبة؟ لقد استودَع يعقوب بنيامين بين يدي الله، فرجع إليه سالمًا. عندما يتعامل الله مع قديسيه فإنه عادًة ما يمس أغلى ما عندهم؛ إن كان هناك غرضٌ ما يلتف حوله القلب أكثر من غيره، فيبدو مُنافسًا لله، من هذا لا بد أن نُحرَم. لكن إن كنا نستسلم بتواضع بين يدي الله، بعد أن يؤخَذ منا هذا الشـيء، فليس غريبًا عليه أن يُعيده إلينا. هكذا استرَّد إبراهيم إسحاق بعد أن قَدَّمه. وكذلك داود إذ سلَّم نفسه لله ليفعل به كإرادته، حُفظ وسط الخطر. وهكذا حدث مع بنيامين الذي أُعيد إلى يعقوب.

آرثر بنك
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net