الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 29 أغسطس 2018 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الناموس والنعمة
«النامُوسَ بمُوسَى أُعطِي، أمَّا النعمَةُ والحَقُّ فَبيَسُوعَ المَسيحِ صَارَا» ( يوحنا 1: 17 )
إذ دخلت الخطية إلى العالم، أصبح حال الخليقة وقوانين العناية التي تضبطها مجالاً جالَت فيه حكمة الإنسان الساقط، ودارَت فيه أفكاره المُنحرفة بالسقوط، فاحتضن المُعتقدات الزائفة عن الله. فمع أن الخليقة تُحدِّث بمجد خالقها إلا أن الإنسان الساقط قد نبذ التفكير في صلاح الله ومضى يبذل الجُهد لكي يصل إلى الحقيقة بافتراضات من ذهنه المُنحرف، وكانت النتيجة زيادة انحرافه وضلاله وشكوكه، مع أنه كان يمكنه أن يجد الطريق واضحًا لو أنه صدَّق الله في حُكم هذه الخليقة وإدارة دفتها حتى أدَّق دقائقها وأصغر ذرَّاتها. لكن بانحراف الإنسان وسقوطه رفض كل فكرة عن الله. وإذ لم يستطع أن يبقَى بدون إله لأن في أعماقه حاجة تدفعه إلى البحث عن إله، فقد قادَهُ قلبه الشرير إلى تأليه مخلوقات كثيرة يُشبع بها شهواته، وفي الحقيقة لم يكن سوى الشيطان كإله من خلف الستار. وما هذا إلا جُهد ضائع للعقل البشري في محاولته الوصول إلى إدراك الله. وإذ عجز عن الوصول إلى معرفته، انتهى به الأمر إلى إنكار الله والافتخار بنفسه.

أما الناموس فهو اختبار للإنسان الساقط؛ هل يستطيع أن يسلك كما ينبغي لمخلوق مسؤول أمام الله الديَّان؟ وهذا الناموس الذي يؤكد سلطان الله على الإنسان، إنما يُعلن الله ديَّانًا فقط، مُطالبًا الناس بما يجب أن يكونوا عليه دون أن يُعلن من صفات الله سوى أنه عادل وقدوس، ودون أن يتدخل بالعلاج لإبراء الإنسان من جهله وتخليصه من تعاسته التي جلَبتها عليه الخطية. إنه يطلب من السقيم أن يكون سليمًا دون أن يتدخل في أمر علاجه من مرضه، ويُطالب المُفلس أن يُنفق دون أن يُسدِّد له ديونه أو يُغنيه. فالناموس يُري الإنسان قمة الكمال الأدبي دون أن يأخذ بيدهِ، ويُطالبه بالتزام الطاعة في خط سير مُعيَّن، دون أن يُشدِّد ساعده.

أما النعمة – وهي فيض صلاح الله لحل مشكلة الإنسان الساقط الضعيف – فهي التي أعلنت الله في ذاته وفي صفاته، بأنه محبة مُتنازلة إلى الإنسان المسكين بالحنان والرحمة والإحسان. ومع أن الله في عدله وقداسته يستذنب الإنسان لأنه خاطئ كاسر للناموس، إلا أنه يُعلن له محبته ونعمته في ابن محبته ربنا يسوع المسيح آتيًا إلى خليقته ليتألم في طريق إتمام مشورات الله من نحو الإنسان

كاتب غير معروف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net